مسلسلات رمضان
تاريخ من التوتر: تعرّفوا على المكوّنات الدينية المتعددة في سريلانكا
23/04/2019

أودت العمليات الإرهابية الأخيرة في سريلانكا بحياة حوالي 300 شخص وجرح المئات، جلهم من المسيحيين، في حصيلة مرشحة للارتفاع، فما هي معطيات المكونات الدينية في هذا البلد؟ وما هو وضعها؟

شهدت سريلانكا يوم الأحد (21 أبريل 2019) سلسلة تفجيرات إرهابية تعدّ الأعنف منذ انتهاء الحرب بين القوات الحكومية والمتمردين التاميل. استهدفت هذه الهجمات، التي وُجه فيها الاتهام رسمياً لجماعة التوحيد الوطنية (إسلامية متشددة)، كنائس وفنادق فخمة عبر أنحاء متخلفة في البلاد، خلال الاحتفالات بعيد الفصح.

وتعدّ سريلانكا، المعروفة عند العرب قديماً باسم سرنديب، من البلدان التي تتعايش فيها عدة مجموعات دينية، وحسب إحصائيات حكومية رسمية تعود لعام 2012، يمثل البوذيون 70.2 في المائة من مجموع السكان المقدر عددهم بـ21,44 مليون (رقم البنك الدولي)، ويأتي بعدهم الهندوس بـ12.6 في المائة، ثم المسلمين بـ9.7 في المائة، و7.4 للمسيحيين.

تاريخ من التوتر: تعرّفوا على المكوّنات الدينية المتعددة في سريلانكا صورة رقم 1

البوذيون

يمنح الدستور السريلانكي للديانة البوذية الحيز الأكبر ويتيح لها حماية خاصة، وتحديداً مذهب تيرفادا، أحد أهم المذهبين الرئيسيين في البوذية إلى جانب ماهايانا. ينتشر تيرفادا (تعني عقيدة الشيوخ) بشكل أساسي في سريلانكا وكمبوديا ولاور وميانمار وتايلاند، ويتحدث معتنقو المذهب في سريلانكا بشكل أساسي اللغة السنهالية التي تعد اللغة الأولى في البلاد.

ورغم هيمنة البوذيين على الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد، إلّا أن هناك مطالب بحماية أكبر للبوذية في البلاد، وهو مطلب يرفعه زعماء بوذيون في البلاد، ما يراه مراقبون سبباً في زيادة التوترات الدينية، في وقت تشير فيه تقارير إعلامية، إلى أن هناك مجموعات متطرفة بوذية تعمل على نشر الأخبار الكاذبة لأجل التحريض ضد بقية المكونات، خاصة المسيحيين والمسلمين.

تاريخ من التوتر: تعرّفوا على المكوّنات الدينية المتعددة في سريلانكا صورة رقم 2

الهندوس

ينتمي جلّ الهندوس في سريلانكا إلى الأقلية التاميلية، وقد تراجعت أعدادهم في البلاد بسبب الهجرة الناجمة عن تداعيات الحرب بين القوات الحكومية والمتمردين (نمور التاميل) الذين كانوا يرغبون في الانفصال وإنشاء دولة في شمال شرق البلاد، حيث يقطن التاميل بشكل رئيسي، وقد تضرّر الهندوس في البلد كثيراً من هذه الحرب التي خلفت مئات الآلاف من القتلى.

يوجد كذلك بين التاميل من يدينون بالمسيحية والبوذية والإسلام، وتوجد روابط كبيرة بين الهندوس في سريلانكا والهند، خاصة في جنوب هذه الأخيرة، حيث تسود اللغة التاميلية، وتتخوّف مومباي بدورها من تصاعد النزعات الانفصالية في هذا الإقليم، وهو ما دفعها إلى الوقوف مع الحكومة السريلانكية في وجه المتمردين التاميل.

تاريخ من التوتر: تعرّفوا على المكوّنات الدينية المتعددة في سريلانكا صورة رقم 3

المسلمون

ينتمي المسلمون في سريلانكا بشكل أساسي إلى المور الذين تعود أصولهم إلى هجرة التجار العرب إلى هذه الجزيرة ذات الموقع الاستراتيجي. يتحدث المسلمون، وغالبيتهم من المذهب السني، في سريلانكا اللغة التاميلية بشكل أساسي، ثم اللغة السنهالية، كما ينتمي عدد منهم إلى شعب الملايو (المنتشر أساساً في ماليزيا وأندونيسيا وسنغافورة).

عانى المسلمون من تداعيات الحرب الأهلية في سريلانكا، وكانوا هدفاً لهجمات المتمردين الهندوس التاميل، لكن بعد ذلك، تركزت الهجمات من بعض المتشددين البوذيين، ونتيجة لذلك وقعت أعمال عنف نتج عنها مقتل أفراد من المسلمين وإحراق متاجرهم ومنازلهم والاعتداء على مساجدهم، كما حدثت أعمال عنف بين مجموعات من المسلمين وآخرين من البوذيين.

تاريخ من التوتر: تعرّفوا على المكوّنات الدينية المتعددة في سريلانكا صورة رقم 4

المسيحيون

يهمين الرومان الكاثوليك على معتنقي المسيحية في سريلانكا، مع أقلية للبروتستانت. يتحدثون السنهالية وكذلك التاميلية. تشير معطيات المنظمة المسيحية "أوبن دور" إلى وقوع هجمات متعددة على الكنائس، وإنه على المسيحيين أن يكونوا متأهبين للتضييق بسبب تصاعد الضغط البوذي في البلاد، متحدثة عن أن المسيحيين في منطقة التاميل يعيشون أوضاعاً صعبة بسبب تداعيات الحرب الأهلية، ومن ذلك التنقل القسري، وتعرضهم لجرائم من طرفي الحرب، وعدم تمتعهم بحقوقهم، خاصة الحق في التعليم.

وتشير أرقام أخرى نقلتها وكالة انباء عالمية عن التحالف الوطني الإنجيلي المسيحي في سريلانكا، إلى أن المسيحيين تعرضوا خلال عام 2018 لـ86 عملاً إقصائياً أو تهديداً أو عنفاً موجهاً إليهم، وفي هذا العام، تم توثيق 26 اعتداءً، أحدها محاولة أحد الرهبان البوذيين توقيف أحد طقوس العبادة، فضلاً عن الهجمات الإرهابية الأخيرة التي وُجه فيها الاتهام رسمياً إلى جماعة التوحيد الوطنية.

تاريخ من التوتر: تعرّفوا على المكوّنات الدينية المتعددة في سريلانكا صورة رقم 5

أكبر هجوم منذ عقد
الدمار الذي تعرضت له واجهة فندق شانجريلا الفخم بكولومبو، عاصمة سريلانكا، ناتج عن انفجار قنبلة. حتى هنا يوجه الإرهاب ضربة من جديد في عيد الفصح. ووفقًا للشرطة فقد أسفرت سلسلة تفجيرات الأحد في ستة أماكن مختلفة عن مقتل حوالي 290 شخصًا وجرح نحو 500 آخرين. وهذا هو أكبر هجوم في سريلانكا منذ عام 2009.

تاريخ من التوتر: تعرّفوا على المكوّنات الدينية المتعددة في سريلانكا صورة رقم 6

الهجوم على شريان اقتصادي
في سريلانكا، نمت السياحة بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة - والآن تحدث لها انتكاسة. يحتوي شانجريلا على أكثر من 500 غرفة وجناح بالإضافة إلى 41 شقة. ونسبة إشغال طبيعية للفندق لم تعد ممكنة الآن بداية. وبالإضافة إلى فندق شانجريلا ذي الـ 5 نجوم، تأثرت أيضًا فنادق سينامون غراند وكينغزبري في كولومبو وفندق صغير في إحدى ضواحي العاصمة.

تاريخ من التوتر: تعرّفوا على المكوّنات الدينية المتعددة في سريلانكا صورة رقم 7

التحقيقات في مكان الحادث
تحت أنقاض واجهة شانغريلا تبحث الشرطة عن آثار تقود لمعرفة الجناة. سريلانكا والمعروفة أيضا "بدمعة الهند" لها تاريخ مليء بالعنف. ولكن بعد انتهاء الحرب الأهلية في عام 2009، بدأ الوضع الأمني يتحسن باستمرار. وبعد هجمات عيد الفصح يوم الأحد، شددت وزارة الخارجية الألمانية تعليمات السفر الخاصة بها للدولة الواقعة في جنوب آسيا مرة أخرى.

تاريخ من التوتر: تعرّفوا على المكوّنات الدينية المتعددة في سريلانكا صورة رقم 8

كنيسة القديس أنتوني
استهدف المهاجمون أيضًا ثلاث كنائس، حيث كان المسيحيون يحتفلون بعيد الفصح. وكانت كنيسة القديس أنتوني في حي كوتشسيكاد بكولومبو هدفًا للهجوم.

تاريخ من التوتر: تعرّفوا على المكوّنات الدينية المتعددة في سريلانكا صورة رقم 9

انفجار أثناء الصلاة
تمثال مريم العذراء لم ينجو من الانفجار ايضا ويظهر مدى قوة التفجير، حيث انشطر إلى نصفين.

تاريخ من التوتر: تعرّفوا على المكوّنات الدينية المتعددة في سريلانكا صورة رقم 10

من هم الجناة؟
سيارة إسعاف أمام كنيسة القديس أنتوني. لم يعلن أحد على الفور المسؤولية عن تلك الهجمات. لكن في الآونة الأخيرة، كانت هناك تقارير عن وجود صراعات بين المتطرفين الإسلاميين والبوذيين، الذين يشكلون غالبية السكان. وقال متحدث باسم الحكومة يوم الاثنين (22 نيسان/ابريل) "إنها على قناعة تامة بأن جماعة "التوحيد الوطني" المتطرفة هي التي نفذت الهجمات".

تاريخ من التوتر: تعرّفوا على المكوّنات الدينية المتعددة في سريلانكا صورة رقم 11

احتياطات أمنية
بعد الهجوم، تم تعزيز الاحتياطات الأمنية في جميع أنحاء البلاد - هنا مجموعة من قوات الأمن في أحد أماكن الهجوم في كولومبو. كما فرض حظر تجول ليلي. وحجبت الحكومة أيضا الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، والسبب هو: يجب ألا يكون هناك انتشار للشائعات والأخبار الكاذبة.

تاريخ من التوتر: تعرّفوا على المكوّنات الدينية المتعددة في سريلانكا صورة رقم 12

"مشاهد فظيعة"
أصيب أكثر من 500 شخص في سلسلة الهجمات ويجري علاجهم في المستشفيات. من "المشاهد الرهيبة"، حسبما ذكر الوزير هارشا دي سيلفا: كانت إحدى الكنائس التي استهدفتها التفجيرات ممتلئة بأشلاء أجساد المصلين. وقال رئيس الوزراء رانيل ويكرمسينغى إن الهجمات "تهدف بوضوح إلى زعزعة استقرار البلاد".

تاريخ من التوتر: تعرّفوا على المكوّنات الدينية المتعددة في سريلانكا صورة رقم 13

العالم يدين الجريمة ويعزي "دمعة الهند" بدمعة
ثلاثة كهنة في طريقهم إلى كنيسة القديس أنتوني التي تم إغلاقها. وقد تمت إدانة الهجمات في جميع أنحاء العالم، وجاءت عبارات التعازي من حكومات بينها ألمانيا والهند ونيوزيلندا. كما تذكر البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، ضحايا الهجمات. وندد ممثلو الديانات الأخرى بالأفعال.