كان زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن من الاسماء الاساسية خاصة من قبل الولايات المتحدة. ففي حمأة الحرب الأميركية على أفغانستان والتي شنت في أعقاب هجمات 11 سبتمبر وكان هدفها الأساسي إيجاد أسامة بن لادن والقضاء عليه وعلى تنظيم القاعدة، كتب اسامة بن لادن وصيته في 4 صفحات مكتوبة على الكمبيوتر وموقعة بيده وبرز فيها توقعه أن مقتله سيكون نتيجة خيانة وغدر من المحيطين به.
الوثيقة (الوصية) صنفت سرية وخاصة تحت عنوان "وصية الفقير إلى ربه تعالى اسامة بن محمد بن لادن" ومؤرخة في 14 ديسمبر 2001 وتحمل توقيعه وانفردت مجلة المجلة في حينها بنشرها ونعيد نشرها اليوم في "الأنباء".
لقراءة وصية بن لادن اضغطوا هنا
تحليل للوصية

لقد اخترت طريقا محفوفا بالأخطار
تعد هذه الوصية وثيقة بالغة الأهمية كونها تؤشر الى طريقة تفكير وعمل بن لادن في الظروف الصعبة، كما ان تاريخها المسجل 28 رمضان 1422 الموافق 14/12/2001 يطابق ما يعتقده الخبراء آخر تاريخ مؤكد لبقاء بن لادن على قيد الحياة، ومن قراءة الوصية ومحتواها تبرز أكثر من علامة استفهام:
أولا: من المؤكد ان هذه الوصية كتبت أثناء الضغط الذي مارسته القوات الأميركية في جبهات القتال، فشعر معها بن لادن بأن أجله قد اقترب، ويتذكر المتابعون والمحللون ان التاريخ الذي ذيلت به الوصية يشير الى تلك الفترة التي غاب فيها بن لادن عن السمع والنظر، وراح الجميع يشير الى احتمال مقتله، بل ان رئيس الوزراء الباكستاني برويز مشرف قال علنا ان بن لادن مات، استنادا الى معلومات توافرت لديه بأن القصف الأميركي للمنطقة التي يوجد فيها بن لادن قد أصابته في مقتل. وحتى الآن، فإن بن لادن لم يظهر بشكل واضح وصريح يشير فيه الى انه على قيد الحياة، على الرغم من الشريط الأخير الذي وزع بصوته والذي لا يتضمن اي معلومة موثقة من حيث توقيت الحدث او الاستشهاد بتاريخ قضية عامة، بل كان دعوة الى الجهاد يمكن ان تكون من اي خطاب له في جمع أو حشد أو أثناء إلقاء محاضرات بين أعضاء تنظيم القاعدة.
ثانيا: يشير بن لادن الى "الغدر والخيانة" في اكثر من موقع وكأنه يتوقع "خيانة وغدرا" من المحيطين به، ومما يؤكد هذا الانطباع ايضا قوله في مقطع آخر، وهو يتحدث بمرارة عما وقع بعد الهجوم الأميركي عندما قال: حتى طلبة الدين (يقصد الطالبان) لم تصمد منهم إلا قلة قليلة، أما الباقون فاستسلموا أو فروا قبل لقاء العدو.
وشدد بن لادن مرة اخرى على قضية الخيانة في وضع اكثر دقة عندما قال: "لقد اخترت طريقا محفوفا بالأخطار وتكبدت في سبيل ذلك المشقات والمنغصات والغدر والخيانة، ولولا الخيانة لكان الحال اليوم غير الحال والمآل غير المآل".
ايها المجاهدين طهروا

صفوفكم من العملاء
ثالثا: زوجاته، لم يشر الى عددهن ولم يخص احداهن بشيء مميز لاسيما أقدمهن، ولم يذكر من بقي معه منهن او من تركنه وعدن الى بلاده او الى اي مكان آخر، كل ما في الأمر انه طلب منهن عدم الزواج من بعده.
رابعا: لم يحدد عدد أبنائه ولا من بقي معه منهم، وهل هم برفقته أم في مكان آمن، ومن يقوم بحمايتهم ويسهر على أمنهم وراحتهم.
واللافت بالنسبة الى ابنائه انه دعاهم الى عدم العمل في القاعدة "الجبهة العالمية لمحاربة اليهود والنصارى" التي أسسها لدى انضمام تنظيم الجهاد المصري الذي يتزعمه ايمن الظواهري، وبالنظر الى الدليل الذي ساقه عن عمر بن الخطاب يتضح انه عانى من "القاعدة" اكثر مما استفاد منها بدليل تأكيده على أولاده الابتعاد عنها.
خامسا: توصية بن لادن لأتباعه الذين يخاطبهم في الوصية بقوله "الى جميع المجاهدين.. بأن يقوموا ـ في حال مقتله طبعا ـ بتناسي قتال اليهود والصليبيين الى حين، والانصراف الى تطهير صفوفهم من العملاء والمتخاذلين وعلماء السوء المتقاعدين عن الجهاد والمخذلين للأمة". وفضلا عن كون هذه التوصية تعني توقيف "الجهاد العالمي" والانصراف الى إعادة ترتيب وتنقية الصفوف، فإنها تؤكد مرة اخرى أهمية ما تحدث عنه بن لادن بخصوص "الغدر والخيانة" الى درجة ان يجعل أولوية ما يوصي به رجاله، في حال مقتله، الانصراف الى تطهير الصفوف، ولو تطلب ذلك نسيان أو وقف "الجهاد العالمي" الى حين، وان كان يمكن ان يفسر على انه زرع لخلايا جديدة للقاعدة في أماكن اخرى من العالم خارج أفغانستان، وفق ما يؤكده بعض الخبراء.
سادسا: لم يشر الى اي من أصدقائه أو المقربين منه أمثال: الملا عمر وأيمن الظواهري وأبوحفص وسيف العدل وغيرهم، وفي ذلك شيء لافت وكأن الوصية كتبت بعيدا عنهم.
imagebank - AFP a