مسلسلات رمضان
ويكيليكس: مصر في عهد النظام البائد كانت تعتبر حماس عدواً
15/05/2011

كشفت وثائق ويكيليكس عن البرقيات الدبلوماسية الصادرة عن السفارة الأميركية في القاهرة وتتضمن مواقف مصرية تتعلق بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بالعداء المصري الموصوف لمحور إيران - سوريا - حماس - حزب الله.

ويكيليكس: مصر في عهد النظام البائد كانت تعتبر حماس عدواً صورة رقم 1

"انفصام في الشخصية حيال غزة"

تخصّص السفارة الأميركية عدداً كبيراً من برقياتها لتقويم السلوك المصري الرسمي والشعبي إزاء عدوان "الرصاص المصبوب" على غزة نهاية عام 2008 ومطلع 2009. وتكشف إحدى الوثائق بتاريخ 12 كانون الثاني 2009، أن وزارة الأوقاف المصرية أمرت جميع أئمّة المساجد بعدم التطرق إلى موضوع حرب غزة خلال خطبهم في صلاة الجمعة، وبموجب هذا الأمر، "لم نسمع أي خطبة جمعة في مساجد القاهرة تتحدث عن غزة".

وتحت عنوان "انفصام في الشخصية حيال غزة"، تدّعي الوثيقة نفسها أن الشارع المصري ليس موحَّداً من حيث تأييده لحركة "حماس"، بدليل الشعارات المعادية للحركة الإسلامية التي أطلقت خلال تشييع الضابط المصري في حرس الحدود الذي قُتل خلال اختراق الغزيين معبر رفح في 28 كانون الأول 2008. لكن السفيرة مارغريت سكوبي تعود لتعترف، في نهاية البرقية، بأن هذا الجزء من الشارع المصري يبقى أقلّوياً مقارنة مع الغالبية المتضامنة مع الشعب الفلسطيني والغاضبة على أميركا والغرب وإسرائيل.

ومثلما كانت الحال في الاهتمام الأميركي بتداعيات حرب تموز 2006 على الحكومة والشارع المصريَّين، فقد خصّصت السفارة لدى مصر حيّزاً واسعاً من برقياتها لرصد صدى حرب غزة في الإعلام المصري، لتخلص إلى أن نظام حسني مبارك كان أحد أبرز الخاسرين من الحرب وحاولت الوثيقة التمييز بين فئتين مصريتين اختلف تقويم كل منهما لنتائج الحرب ولسلوك القاهرة خلالها، فالنخبة المثقفة ظلت موالية وداعمة للحكومة ولأدائها، بينما "المصريون العاديون" تملّكهم الغضب الشديد إزاء كل من الإسرائيليين وحكومتهم نفسها.

ويكيليكس: مصر في عهد النظام البائد كانت تعتبر حماس عدواً صورة رقم 2

مارست مصر الضغط على حماس
ووضعتها في خانة المسؤولة الوحيدة

وقارنت مصادر السفارة الأميركية مشاعر المصريين بتلك التي انتابتهم في حرب 1967. لكن اختلفت آراء مصادر السفارة، بين مَن رأى أنّ هذا الغضب سرعان ما سيزول، مثلما حصل بعد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت في 1982 وحرب لبنان 2006، من جهة، ومَن أعرب عن ثقته بعكس ذلك، لأن الغضب سيدوم طويلاً ولسنوات من جهة ثانية. وأبرز الصفات التي رصدتها البرقية عن مبارك في الشارع المصري بسبب مواقفه خلال عدوان غزة كانت: "أضحوكة"، و"دمية بيد الغرب"، و"مفلس أخلاقياً"، إضافة إلى "شخص يساوي بين مصالحه ومصالح إسرائيل وأميركا".وفي عزّ الحرب على غزة، تشير برقية بتاريخ 29 كانون الأول 2008 إلى أن أبو الغيط طمأن الجنرال دايفيد بيترايوس، خلال وجود الأخير في القاهرة في 27 و28 كانون الأول 2008، إلى أنه اتصل بجميع الأطراف المعنية بحرب غزة "ما عدا السوريين".

وكشف له عن رفض القاهرة عقد قمة عاجلة لجامعة الدول العربية لأنها ستكون "سابقة لأوانها"، ولأنه لن يصدر شيء عنها. وتظهر النية الحقيقية لرفض أبو الغيط عقد القمة العاجلة، عندما يعترف بأنه يريد تجنُّب صدور إدانات عربية قاسية ضد إسرائيل. وعن لقاء بيترايوس مع اللواء عمر سليمان، تنسب السفارة إلى مدير جهاز الاستخبارات المصرية تأكيده أنه يدرك ماذا تريد إسرائيل من حربها، وأنها تنوي الذهاب حتى النهاية لتحقيق أهدافها "وهو ما يمكن أن يحصل في غضون أسبوع أو اثنين". وأعرب عن رأيه في أن "الوضع قد يتحسن في حال إعلان هدنة قصيرة من يوم أو اثنين للسماح للغزيين بدفن قتلاهم وعلاج مصابيهم وتلقي المساعدات الإنسانية، إضافة إلى الفوائد السياسية من خلال السماح لإسرائيل ولحماس بفهم خطورة الوضع". وهنا أيضاً تظهر النية الحقيقية للمطلب المصري من وراء الهدنة، ألا وهو إراحة مصر من الضغط الذي تتعرض له من الداخل والخارج، لكونها مستمرة بإقفال معبر رفح، على قاعدة أن الهدنة "ستمنح مصر الغطاء السياسي اللازم لممارسة المزيد من الضغط على حماس، ووضعها في خانة المسؤولة الوحيدة عن المأساة الإنسانية في القطاع".

ويكيليكس: مصر في عهد النظام البائد كانت تعتبر حماس عدواً صورة رقم 3

برر أبو الغيط عداء نظامه لكل ما يمتّ
بصلة إلى "الإخوان"

ولم يكن المسؤولون المصريون يخفون عداءهم الرسمي لحركة "حماس"، ما قد يقدم شرحاً منطقياً للسياسات المصرية الحكومية التي اتّبعت تجاهها خلال الحرب وقبلها وبعدها. وتقدم برقيات السفارة الأميركية عشرات التصريحات والأمثلة عن نظرة أركان النظام البائد إلى الحركة الإسلامية في غزة.

وفي أحد لقاءات أبو الغيط مع مندوب الكونغرس، دايفيد برايس، بتاريخ 13 كانون الثاني 2008، يقول الوزير المصري إن "الحكومة المصرية تنظر إلى حركة حماس على أنها تنظيم تابع للإخوان المسلمين، وبالتالي كعدوّ". وبرر أبو الغيط عداء نظامه لكل ما يمتّ بصلة إلى "الإخوان" بتأكيده أن جميع المنظمات التابعة لها، كحماس، يعتقدون خطأً أن تطبيق التعليم الديني الذي يعود إلى القرن الثامن هو الطريق الصحيح، وبالتالي فإنهم يميلون نحو استخدام العنف. ويتابع أبو الغيط أن الإخوان المسلمين وأتباعهم أنزلوا بمصر خراباً لعقود من الزمن، من خلال اغتيال عدد من الزعماء، من بينهم الرئيس أنور السادات.

بدوره، لا يخفي أقوى صقور نظام مبارك، اللواء عمر سليمان، مشاعره الحقيقية المعادية لـ"حماس". وتنقل برقية عن سليمان قوله إن مساعي مصر لتقويض حركة المقاومة الإسلامية تتضمّن محاربة شبكات التهريب وتدمير الأنفاق بالتنسيق مع إسرائيل. وأشار إلى أن سوريا وإيران تعملان على إعاقة المصالحة الفلسطينية، مؤكداً أنّ مسؤولي "حماس" قرروا عدم المشاركة في الحوار الفلسطيني - الفلسطيني في 11 تشرين الثاني 2008 لأن إيران وسوريا شجعتاهم على ذلك إلى حين تسلُّم الإدارة الجديدة الحكم في واشنطن.

توحي إحدى البرقيات الصادرة عن السفارة الأميركية في القاهرة، بأن القيادة المصرية، فيما كانت تتولّى وساطة بين إسرائيل وحركة "حماس" لإطلاق الجندي الإسرائيلي المعتقل لدى المقاومة في غزة، جلعاد شاليط كانت في العمق تعمل على تأخير نجاح الصفقة. ويقترح وزير الخارجية أحمد أبو الغيط على مساعد وزيرة الخارجية الأميركية دايفيد ولش أن يقنع تل أبيب بـ"نسيان الجندي (شاليط) لفترة لتهدئة الأزمة"، وتقليص دور رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل.

AFP - Imagebank