يبدو ان حكم مبارك الظالم لم يقتصر فقط على شعبه وانما ايضا على رجال السياسة المصريين، ولم يتوانى ايضا عن محاولة اغتيالهم، والحديث هنا عن سعد الدين الشاذلي رئيس أركان الجيش المصري، فقد قالت زوجته زينات السحيمي خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول، إن الجزائر حمت زوجها من محاولات اغتيال خطط لها الرئيسان المصريان السابقان أنور السادات وحسني مبارك.

مبارك حاول اغتيال الشاذلي
imagebank - AFP
وأكدت السحيمي أن الفريق سعد الدين الشاذلي وعائلته تدين للرئيس الراحل هواري بومدين والرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، ومن ورائهما للجزائر كلها بالفضل في احتضانهما على مدى 14 عامًا منذ اختيار زوجها الراحل الإقامة في الجزائر كمنفى له عقب خلافه الشهير مع السادات ومن بعده مبارك. وتابعت زوجة الراحل، في حوار مع صحيفة "الخبرة" الجزائرية، أنه حين قرر الشاذلي إعلان معارضته لاتفاقية كامب ديفيد، والاستقالة من منصبه كسفير لمصر في البرتغال، عرض عليه عديد من الرؤساء والملوك الإقامة عندهم، لكنه اختار الجزائر وبرر اختياره أنها دولة تقوم على مبدأ الحكم الجماعي وليس الحكم الفردي.
وتعرض الشاذلي للمحاكمة غيابيًا بتهمة إفشاء أسرار عسكرية، وانتهت بحكم بحبسه لمدة ثلاث سنوات. ووصفت السحيمي أيام عائلة الشاذلي الأولى في الجزائر بالصعبة بعض الشيء، خاصة وأنها لم تكن تعرف اللهجة الجزائرية، لكنها تعترف أنها عاشت والفريق الشاذلي في الجزائر 14 سنة معززين مكرمين، بل إنهم كانوا يُعاملون بشكل راقٍ مثل عائلة رئيس دولة. وتصف السيدة زينات السحيمي الجزائريين بالملائكة، وتحتفظ بكثير من الذكريات الرائعة من الجزائر التي وفرت لزوجها الحراسة، خشية تعرضه للاغتيال من قبل السادات ومن بعده مبارك، بناء على تحذيرات وردت إليه من صهر الرئيس جمال عبد الناصر، أشرف مروان. وأشارت زوجة الشاذلي إلى أنها وزوجها قررا العودة إلى القاهرة، حيث وصلت قبل يومين من موعد وصوله، وعندما ذهبت إلى مطار القاهرة لاستقباله في العاشر من رمضان عام 1992م، فوجئت بانتظارها الطويل له دون أن يظهر له خبر.
اعتقال الشاذلي

عرض عليه الكثير لكنه اختار الجزائر
وأوضحت أنها لم تكن تعلم أن رجال الأمن احتجزوا الرجل فور نزوله من الطائرة على أرضية مطار القاهرة، ووضعوه في السجن لمدة يومين دون أن تعلم عائلته عنه شيئًا، ولم ينفعه سوى بث الخبر في وكالات الأنباء العالمية لإنقاذ حياته، فقد كان يمكن اغتياله في صمت ومحو آثار وصوله من الجزائر. وقضى الفريق سعد الدين الشاذلي سنة ونصف السنة من ضمن ثلاث سنوات كان محكومًا بها في سجن المستشفى العسكري، قبل أن يَصدر قرار بالإفراج عنه بعد سنة ونصف السنة من السجن. وتقول السحيمي "اللهم لا شماتة، لكن الله انتقم للفريق سعد الدين الشاذلي من مبارك وعصابته أيما انتقام، فعزائي أن الملايين التي كانت في ميدان التحرير صلت عليه صلاة الجمعة الأخيرة التي تنحى فيها مبارك، في الوقت نفسه كانت هذه الملايين تدعو على مبارك بالجحيم وتتوعده بالحساب".
يذكر أن الفريق سعد الدين الشاذلي خرج من مصر بعد الخلاف الذي دب بينه وبين الرئيس المصري الراحل أنور السادات، حينما قرر الأخير وقف الهجوم العسكري على إسرائيل في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973م، على الرغم من النصر الاستراتيجي الذي حققه الجيش المصري، والتحول إلى مفاوضات مع إسرائيل انتهت بالتوقيع على اتفاقية كامب ديفيد عام 1978م. ولجأ السادات قبلها إلى التخلص من الشاذلي بتعيينه سفيرًا لمصر في لندن ثم البرتغال، لكن الأخير فهم الرسالة، وقرر أن يكشف الحقيقة للتاريخ. ورفضت القيادة العسكرية للجيش المصري قرار السادات، ما دفعه إلى إحالة القضية إلى محكمة مدنية، لكن القضية حُفظت حتى عام 1983م عندما قرر الرئيس السابق محمد حسني مبارك إحياء القضية وإحالتها إلى محكمة عسكرية قضت غيابيًا في حق الفريق الشاذلي بالسجن لمدة ثلاث سنوات.