ذكرت صحيفة "يو أس أيه توداي" أن المصريين مازالوا يعانون من انعدام الديمقراطية، وكذلك من ظروف اقتصادية طاحنة رغم مرور أكثر من عام كامل على قيام الثورة المصرية، التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك، وهو ما يعني أن الثورة في مصر لم تتمكن من تحقيق أي تغيير. وترى الصحيفة في تقرير لها أن التلاقي بين الأيديولوجية العسكرية والأيديولوجية الإسلامية الذي يظهر جليا بعد ثورة يناير يعد سببًا رئيسيًا في إعاقة أي تغيير ديمقراطي حقيقي، واستشهدت الصحيفة بالخطوة التي أقدمت عليها الحكومة المصرية بمداهمة منظمات المجتمع المدني، وهي الخطوة التي لاقت دعمًا واضحًا من جانب الإسلاميين الذين سيطروا على أغلبية مقاعد البرلمان خلال الانتخابات الأخيرة.

الصحيقة تؤكد انه لا يوجد
ديمقراطية حقيقية في مصر
وأبرزت الصحيفة الأمريكية التصريحات التي أدلى بها الناشط محمد زارع، رئيس منظمة الإصلاح الجنائي، والتي أكد فيها أنه كان يعتقد أن الإخوان المسلمين سيعملون على دعم الأحزاب الأخرى من أجل إرساء حياة ديمقراطية حقيقية في مصر، إلا أنهم في الحقيقة عملوا على قمع المناوئين لهم، على الرغم من أنهم أصحاب فضل كبير في إجراء انتخابات نزيهة أدت إلى سيطرتهم على أغلبية مقاعد البرلمان.
وأوضح التقرير أن القوانين المجحفة التي أرساها نظام مبارك، والتي كانت تعطي الحق لقوات الأمن المصرية للقبض على المواطنين دون اتهامات واضحة أو محاكمات، مازالت مطبقة حتى الآن لقمع المعارضين.. المؤسسة العسكرية هي الأخرى مازالت تسيطر على القطاعات الصناعية الأكثر أهمية بالدولة ولم تتخل عن أي من سلطاتها التي تمتعت بها إبان عهد مبارك. كما أن الوضع الاقتصادي هو الآخر لم يتغير كثيرًا، فمازالت مشكلة البطالة قائمة والاحتجاجات مستمرة، والسائحين ابتعدوا عن مصر خوفًا من حالة عدم الاستقرار التي تعيشها مصر منذ اندلاع الثورة.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أن ميدان التحرير صار رمزًا لما تشهده مصر حاليًا من تدهور، فقد لوثته الخيام القذرة، وشوهته الكتل الخرسانية التي وضعها رجال الأمن لمنع وصول المتظاهرين إلى المباني الحكومية. وأكد الشاب المصري محمد عطية، وهو صاحب بازار بالقرب من ميدان التحرير أن هؤلاء الذين يتظاهرون الآن في ميدان التحرير لا يمثلون المصريين، مؤكدا أن أولئك الأشخاص يتكلمون فقط دون أن يفعلوا شيئا.. وأكد عطية أن هؤلاء الأشخاص لابد أن يتركوا الميدان فورًا. يبدو أن المصريين لا يريدون الآن سوى أن يجدوا أقواتهم، على حد وصف الصحيفة، خاصة أن بلادهم تعاني من ظروف اقتصادية صعبة، نتيجة لهبوط حاد في احتياطي النقد الأجنبي، وكذلك غياب الاستثمارات الأجنبية بشكل كبير منذ قيام ثورة يناير.

الحركات الإسلامية عانت من
الاضطهاد في النظام السابق
وأكد مايكل دون، أحد مسئولي مركز رفيق الحريري، أن هناك حاجة ملحة لتحرير الاقتصاد المصري من الشركات التي يتمتع أصحابها بمزايا ضخمة نتيجة لعلاقاتهم، كالإعفاء من الضرائب أو الحصول على أراضي الدولة، مضيفًا أن الحكومة المصرية لابد أن تقوم بإلغاء الدعم على السلع الأساسية، اذا أرادوا تحديث الاقتصاد المصري. من ناحية أخرى أبرزت الصحيفة قضية منظمات المجتمع المدني، والتي أدت إلى تدهور شديد في العلاقات المصرية الأمريكية ربما لم تشهده منذ عقود، هي القضية التي أدت إلى جدل كبير داخل الشارع المصري خاصة أن القرار المصري قد يهدد المعونات الأمريكية السنوية إلى مصر، هو ما قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادي المتدني.
ويرى عبد الموجود درديري، عضو مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة، أن المنظمات الأمريكية قد عملت على دعم الديمقراطية فى مصر بشكل لا يخدم وصول الإسلاميين للسلطة، وهو ما اعتبره خطأ كبيرًا. في حين أن محمد محيي، رئيس منظمة التنمية الإنسانية يرى أن الحكومة سوف تستمر في مداهمة منظمات المجتمع المدني خلال المستقبل سواء كانت مصرية أو أجنبية، مؤكدا أن الإسلاميين الذين سيطروا على البرلمان مؤخرا في مصر يرفضون أن يدرك المصريون أن آليات الديمقراطية لا تتناقض مع المبادئ الإسلامية.. وأضاف أن الحركات الإسلامية لا تتسم بالتسامح تجاه أي من الحركات التي تحمل أيديولوجيات مخالفة لها، وأن مسألة حرية التعبير غير مقبولة تمامًا من جانبهم.
وأوضح التقرير أن الحركات الإسلامية التي عانت من الاضطهاد خلال عهد النظام السابق، أصبحت صامتة تمامًا تجاه الانتهاكات التي يرتكبها القادة الحاليون للبلاد، بل إنهم انتقلوا إلى دور المؤيد لتلك السياسات القمعية بدلا من رفضها ومعارضتها، وهو ما دفع "زارع" إلى القول بأنه لا تغيير حقيقي قد حدث خلال العام الماضي سوى أن أسماء الديكتاتوريين قد تغيرت، مؤكدا أن الإخوان المسلمين كغيرهم من الحكام يرفضون أي انتقاد.
imagebank - AFP