نجح الأثريون المصريون في نفي صحة النظرية التي تدعي أن بناء "الأهرامات" كان عبر استخدام العمال بنظام "السخرة"، إذ أعلن وزير الثقافة المصري فاروق حسني أن بعثة المجلس الأعلى للآثار "حققت كشفاً أثرياً مهماً عن مقابر العمال بناة الأهرامات" وأنها موجودة بجوار "الأهرامات الثلاثة" الواقعة في مدينة (الجيزة) غربي العاصمة المصرية. وينفي هذا الكشف، بشكل قاطع، ما تذهب إليه بعض النظريات الغربية من أن الملوك المصريين القدماء استخدموا العمال بنظام "السخرة" لتشييد الأهرامات، كما يؤكد في الوقت نفسه أن "بناة الأهرامات" هم عمال مصريون.

كشف مقابر العمال يعد من أهم
الاكتشافات الأثرية في القرنين الـ20 و21

وأضاف حسني أن البعثة التي يرأسها د.زاهي حواس "عثرت على مجموعة مقابر جديدة ترجع إلى الأسرة الرابعة (2649- 2513 ق.م)، وهي خاصة بالعمال الذين بنوا الهرم الأكبر". وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن مقابر خاصة بالملك "خوفو" (2609-2584 ق.م)، والملك "خفرع" (2576-2551 ق.م)، خصوصاً أن مئات المقابر الأخرى التي اكتشفت من قبل ترجع إلى أواخر الأسرتين الرابعة والخامسة (2649-2374 ق.م).

دحض نظرية "السخرة"

وقال أمين عام المجلس الأعلى للآثار في مصر د.زاهي حواس إن كشف مقابر العمال يعد "من أهم الاكتشافات الأثرية في القرنين الـ20 و21، وهي الاكتشافات التي تمت منذ العام 1990". وأضاف أن الكشف "يُلقي الضوء على الفترة المبكرة للأسرة الرابعة، ويرد كل ما قيل من أن الأهرامات بُنيت بالسخرة، لأن تلك المقابر تقع مباشرة إلي جوار الهرم.. بل وتطل عليه مباشرة، وهذا يؤكد أنهم لو كانوا عبيداً لما بُنيت مقابرهم في المنطقة نفسها" التي شُيدت فيها مقابر الملوك الفراعنة. واعتبر حواس أن دفن العمال بجوار الأهرامات التي شيدوها "يعد من قبيل التكريم لهم، كما يؤكد في الوقت نفسه أن بناة الأهرامات من المصريين".

وأوضح المشرف على الحفائر الأثري عادل عكاشة، أن أهم المقابر المكتشفة تخص "إيدو"، الذي توضح النقوش أنه كان رئيساً للعمال، وهي عبارة عن بناء مستطيل الشكل من الحجر الجيري المحلي وبها عدة آبار دفن. مشيراً إلى أن الأدلة التي تثبت أن المقبرة ترجع إلى الأسرة الرابعة هو "التشابه بين تلك المقبرة والمقابر الواقعة شرق هرم (سنفرو) الأحمر الشمالي في دهشور، الذي يرجع إلى الأسرة الرابعة، أي منذ 4500 سنة".

الكشف الجديد يعطينا فكرة واضحة عن
الحياة الدينية للعمال الذين اشتركوا
في بناء الهرم

ويضيف د.زاهي حواس أن الكشف الجديد "يعطينا فكرة واضحة عن الحياة الدينية للعمال الذين اشتركوا في بناء الهرم، وهذه المنطقة هي بداية الجبانة (المقبرة) الضخمة التي تنتشر على مسافة كيلومتر باتجاه الجنوب من هذا الكشف. موضحاً أن هناك أدلة "عُثر عليها تؤكد أن العائلات الكبيرة المنتشرة في الصعيد والدلتا كانت ترسل يومياً حوالي (11) عجلاً و(23) خروفاً لإعاشة العمال، وفي المقابل كانت تلك العائلات لا تدفع الضرائب للدولة، وهذا يثبت أن الهرم كان المشروع القومي لمصر كلها، وأن الشعب كله كان يشترك في بناء الهرم، وأن عدد العمال الذين اشتركوا في بناء الهرم الأكبر بالذات لا يزيد عن عشرة آلاف عامل، عكس ما قاله هيرودوت من أن عدد العمال كان يصل إلى مئة ألف عامل".

واعتبر حواس أن مثل ذلك القرار "لا يمكن أن تشرف عليه أي إدارة حكومية"، مشدداً على أن هذا الكشف "يؤكد للعالم كله أن هؤلاء العمال جاءوا من خلال العائلات الكبيرة، وأن الذين دفنوا في الجبانة هم العمال الذين ماتوا فقط أثناء بناء الأهرامات". ومن المعروف أن العمال كان يتم تغييرهم كل ثلاثة شهور، وأن العمل في بناء الهرم كان يتم خلال (12) شهراً، وكانت الحفائر قد بدأت في المنطقة جنوب شرق تمثال "أبو الهول" وجنوب "حيط الغراب" خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) من العام 1990، للكشف عن مقابر العمال "بناة الأهرامات".