يصر على صفة "القس" ويقرأ القرآن، ويحمل بيده السبحة الوردية، ويتعرض لبعض النقد من افراد قلائل مسلمين ومسيحيين، ولكنه لا يتنازل عن منصبه كمستشار لمفتي سوريا! للعبارة التي قالها المهندس المدني السوري باسل قس نصر الله، من أن وزنه يزيد في شهر رمضان، أهمية خاصة جعلتها عنوان هذه المقابلة التي أجريت معه هذا الأسبوع عبر الهاتف، فهي تدل على ما يلقاه من ترحاب لدى المسلمين في مدينة حلب حيث يقيم، لأنه لا يمر يوم من أيام الشهر الكريم إلا ويكون مدعواً الى مائدة إفطار أو سحور مليئة بما لذ وطاب، مع أنه مسيحي روم كاثوليك، وفوق ذلك فهو مستشار مفتي سوريا الشيخ بدر الدين حسون.

مسيحي استطاع اختراق قيود ومسلمات
صعبة في هذا الوقت بالذات
والمهندس نصر الله هو المسيحي الوحيد في العالم الذي يعمل مستشاراً لمفتٍ مسلم، وهي وظيفة قد تلهب مخيلة الذين لا يجدون أمامهم إلا نظرية المؤامرة كلما افتقروا للمعلومات، كواحدة مهمة يجهلها كثيرون، وربما ذكرها لأول مرة في رد منه على من يعتقد أن راتبه لابد أن يكون كبيراً وله توابع من امتيازات خاصة وغيرها من الإفادات لنفسه.
أما هو فيقول: "أي راتب وأي امتيازات. أنا لا أتقاضى فلساً واحداً من عملي كمستشار، بل إن جميع تكاليف ممارستي للعمل مع سماحة المفتي هي من جيبي الخاص، إلا حين أرافقه في رحلة الى الخارج طبعاً، عندها يدفع هو من جيبه"، وفقاً لتعبير المهندس البالغ من العمر 52 عاماً.
ومستشار المفتي مرح وشفاف ويحلو له أن يؤكد على كلمة "قس" في اسمه دائماً، فلا يكتبه أو يلفظه إلا رباعياً، بل لا يدعك أنت أن تلفظه من دون كلمة قس التي يبدو أنه يريدها للتأكيد على ديانته، فهو يفخر بأنه مسيحي استطاع اختراق قيود ومسلمات صعبة في هذا الوقت بالذات، الى درجة وصل معها الى رتبة مستشار للمفتي، بل مستشاره الوحيد.
وفي حقيبة المستشار، الذي تخرج في 1980 بالهندسة المدنية من جامعة حلب، ثقافات متنوعة ومن العيار الثقيل يفخر بها أيضاً، فهو ملمّ بالإنجليزية والفرنسية وبعض الايطالية، وملم بالإسلام وبتاريخه الى درجة قد لا يصدقها أحد، فقد قرأ القرآن مرات ومرات، وإلى الآن يقرأ فيه كما المسلمين، ويحفظ من الذكر الحكيم آيات طوالاً صعبة الحفظ على من لا يريده، وكله بسبب صداقة بدأت قبل 18 عاماً بينه وبين شيخ من حلب كان مبتدئاً في ذلك الوقت، حتى إن وزارة الأوقاف السورية لم تكن قد اعتمدته ليكون خطيباً في أحد المساجد.
ذلك الشيخ كان نشطاً وجاهد ليكون شخصاً مهماً، فصعد الدرج وأصبح مفتياً لسوريا، وفي الحال تذكر صديقه المسيحي وفاجأه في مثل هذا الشهر من عام 2006 بأجمل هدية، كتب له رسالة رسمية من دار الإفتاء يعلمه فيها بتعيينه مستشاراً له لشؤون العلاقات المسيحية الإسلامية، ومن بعدها قال له: "اترك صفة مستشار لشؤون العلاقات، وقل واكتب دائماً إنك مستشار عام في كل شيء"، ومن يومها ذاع صيت المستشار الحاصل أيضاً على النوعية اليونانية.