الدولة التي لا تحترم مواطنها وهو حي فكيف لها أن تكرم الميت؟ هذا ما يقوله لسان حال المواطن السعودي الذي توفيت زوجته وهم في نزهة ولم يأخذ أي طرف حكومي على نفسه المسؤولية ليس فقط في الدفن بل إنهم يرفضون حتى التعاون لدفن أو نقل المتوفاة.

بدأت قصة المواطن بذهابه للنزهة مع أسرته من الرياض إلى الخبر، وفي المسكن شعرت الزوجة المصابة بالربو بضيق في التنفس، ثم سقطت أمام زوجها في الساعة الرابعة فجراً. اتصل الرجل حالاً بالإسعاف، طالباً النجدة لتحضر سيارة الإسعاف بعد ساعة كاملة، والوقت فجراً، وهو ما يعني أن لا ازدحام في الطرقات والخبر مدينة صغيرة. أكد رجال الإسعاف الوفاة وتوقف عند التأكيد.
يلخص القريشي معاناته لصحيفة "شمس" التي نشرت تفاصيل الحادثة، عن تلك اللحظة قال: "طلبت منهم نقلها إلى أي موقع تجهيز للموتى، ليتسنى لي نقلها للدفن في الرياض، فلم يوافقوا، ورفضوا نقلها، ورحلوا من حيث أتوا، وبقيت أسارع الزمن، فالدقائق تمرُّ، وإكرام الميت دفنه، و "الإسعاف" لا يرضى النقل للدفن، والنقل يتطلب ورقة شرطة، والشرطة تريد ورقة مستشفى، والمستشفى القريب الذي راجعته وغيره، يرفضون التعاون بحجة عدم التخصص، والأهل في الرياض، ولكن العون من الله".

هذا الملخص هو وصف دقيق لمشكلة عدم وضوح مسؤولية الجهات وتعددها واعتماد بعضها على البعض الآخر، فـ "الإسعاف" يقول إن هذا ليس من صلاحياته والبلديات كذلك ومعها وزارة الصحة، كل جهة لها حيز محدد من المسؤولية، لكن هناك مساحات لا جهة تختص بها.
وأنا متفق مع كل الجهات أن هذا ليس من اختصاصها، لكن للمواطن حاجة وهم الأقرب لتوليها.
من الذي ساعد الزوج المكلوم في محنته؟
حارس البنايـــة، حيث حملها معه إلى سيارته بعدما لفّهـــا بعباءتها ووضع ثلجاً على جثمانها، في السيارة أقل أطفالـــه معه، مخبراً إياهم أن درجة حرارة والدتهم مرتفعة فاجتهـــد الصغار في وضع قوالب الثلج، ليبدأ الأب المسكين مشوار 370 كيلومتراً من الألم والغصة إلى الرياض.
لستُ أدري ما الذي يمنع المسؤولين في وزارة الصحة والهلال الأحمر والبلديات من الاجتماع وحسم هذا الأمر؟!
كل هذه الجهات تقدم خدمات للسكان يفترض أن تتكامل، وإذا كان هذا الوضع من "المستجدات" فلماذا لا يتم إيجاد حل له؟ فإذا كان السبب عدم الاهتمام بالأموات فليكــن سبــــب التحرك رأفة بالأحياء.
ملاحظة: الصور للتوضيح فقط.