لا يشكّ غالبية المواطنين العرب أينما كانوا، بأن الزعماء العرب يحاولون أو كانوا يحاولون توريث أبنائهم الحكم، رغم أن بعضا من القوانين لا تنصّ على ذلك، ويجمع الملاحظون على أن مآسي الزعماء العرب هي دائما من أفعال حاشيتهم، وبالخصوص أقرب الناس إليهم، فكما جرّت ليلى وعائلة الطرابلسي زين العابدين بن علي للهروب ودخول الإنعاش، وجرّ جمال وعلاء والدهما مبارك إلى التنحي بأمر الشعب، ظهر في السنوات الأخيرة بقوّة أبناء القذافي الذي لم تتوقّف خرجاتهم محليا، بل فاحت رائحتها في كل بلدان العالم.

"مآسي الزعماء العرب من أفعال حاشيتهم
وبالخصوص أقرب الناس إليهم"
ويبقى احتراف ابنه الساعدي في الدوري الايطالي من أشهر الخرجات القذافية، ففي موسم 2006- 2007، تقمّص الساعدي ألوان سمبدوريا جنوة في صفقة قيل أنه هو الذي دفع فيها وليس النادي، ولكن المناصرين رفضوا اللاعب المتواضع المستوى الذي لعب لهم وعمره 35 عاما ليعود بعد ذلك إلى ليبيا، وتابع فندق فخم في مدينة جنوة السياحية قضائيا نجل الرئيس الذي مكث شهرا في جناح كامل بالفندق، واستهلك حوالي نصف مليون يورو، أما ابنه سيف الإسلام فعندما قام معمر القذافي بمتابعة الشروق اليومي قام هو أيضا بمتابعة صحيفة اللسان الليبية متهما إياها بالخوض في خصوصياته.
معمر القذافي الذي سيبلغ في السابع من حزيران القادم سن 69 تزوج في سن العشرين من السيدة فتحية خالد وأنجب منها ابنه محمد القذافي، ولكنه طلقها عندما تزعّم ليبيا وتزوج من السيدة صفية فركاس التي أنجب منها سبعة أبناء لهم جميعا صولات وجولات في الحياة المحلية والخارجية وأكبرهم سيف الإسلام يليه الساعدي نهاية بالمعتصم بالله وسيف العرب وهانيبعل والخميس والإبنة الوحيدة عائشة.
برقيات ويكيليكس الأخيرة أقحمت امرأة ثالثة في حياة معمر القذافي، وهي ممرضته الخاصة جالينا كولو تنياستيكا، وهي أوكرانية النوعية ومن أشقر نساء العالم، حيث أكدت البرقيات أن الزعيم الليبي يحبها بل ويسير حسب هواها وصار لأجلها يعشق الفلامينكو.. لكن في السنوات الأخيرة تكاثرت أخطاء القذافي عندما عين أبناءه في مناصب عليا ومنهم المدعو خميس القذافي الذي منحه قيادة مليشيات أمنية يقال إنها هي من قتلت الناس في بنغازي، كما أنشأ منصبا جديدا لابنه المعتصم بالله، وهو مستشار الأمن القومي وفرض على الناس أن يقولوا العميد الركن الدكتور المعتصم بالله القذافي، وهو المنصب الذي جرّ القذافي إلى خلافات عائلية كبرى اندلعت بين ابنيه سيف الإسلام والمعتصم بالله كادت أن تعصف بالعائلة، ناهيك عن طيش الشباب حيث صنع ابنه سيف العرب الحدث الإعلامي في ألمانيا بسيارة الفيراري الخاصة، والتي أوقفته على متنها الشرطة الألمانية في عدة مناسبات بسبب الأصوات المزعجة التي جعلت سكان ميونيخ يثورون.

قام سيف الإسلام بجولات طويلة
بدلا عن أبيه إلى سنغافورة
وسيف العرب له عدة مؤسسات في لبنان ذات طابع ثقافي وتجاري رغم العلاقات المهتزة بين ليبيا ولبنان على خلفية اختفاء موسى الصدر، وحتى ابنته الوحيدة عائشة لم تسلم من التورط في الفضائح، ففي عام 2008 قامت الشرطة السويسرية حيث تقطن مع زوجها باعتقال شقيقها هانيبعل القذافي وزوجته بعد أن اتهمهما خادم مغربي وخادمة تونسية بتعذيبهما فتدخل والدهما معمر ودفع قرابة 400 ألف أورو لإطلاق سراحهما، أما الابنة عائشة فصنعت الحدث وظهرت للإعلام وتحدثت مع كل فضائيات العالم، حيث تهجمت على سويسرا واتهمتها بتلطيخ صورة عائلة النبلاء القذافي، وقالت إن سويسرا ستدفع الثمن غاليا، وفهم الجميع أن ما تقصده الابنة الدلوعة لأبيها هو توقيف الصادرات النفطية لسويسرا لأن ليبيا هي مصدر البترول والغاز الأول في سويسرا التي قررت تفادي توتر ديبلوماسي مع نظام القذافي فقبلت مبلغ الكفالة، وأطلقت سراح المتهمين، خاصة أن عائشة لها عقارات وأراضي بقلب سويسرا.
معمر القذافي الذي له مستوى ابتدائي فقط مع تقدمه في السن صار يعتمد على أبنائه، حيث قام سيف الإسلام بجولات طويلة بدلا عن أبيه إلى سنغافورة، والتقى بالرئيسة الفليبينية وصاروا في غيابه يقدمون المحاضرات والخطب، ويقال إن معمر القذافي لا يمكنه أن يثق إلا في أبنائه السبعة، وخاصة كبيرهم محمد الذي كان مشروع خليفة له، ويبقى منظر المعتصم بالله رفقة إحدى الحسناوات الأوروبيات وهو مرتديا للصليب، قليل من كثير لزعيم قال مرة إنه يخشى ركوب الطائرة، فصار يبعث أبناءه الذين جروه إلى ما هو فيه الآن.
ملاحظة: الصور نقلا عن getty images