يبدو ان الزعيم الليبي معمر القذافي ما زال متمسكا بالـ"حكم"، لولا انه متحفظ على هذه الكلمة، لانه وبحسب رأيه لا يملك منصبا للتخلي عنه. وفي حين كشفت مصادر دبلوماسية عربية وغربية النقاب عن اتصالات سرية تستهدف إقناع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي بالتخلي عن السلطة، نفى مسؤول مقرب من القذافي أن يكون القذافي قد عرض على المجلس الوطني الليبي المناوئ له برئاسة وزير العدل السابق المستشار مصطفى عبد الجليل أي صفقة سياسية لتأمين خروج القذافي إلى خارج ليبيا مقابل تخليه عن السلطة التي يقودها منذ عام 1969.

ليس برئيس أو حاكم تقليدي
حتى يتنحى عن السلطة
وحسب ما نقلت "الشرق الأوسط"، وقال المسؤول الذي أجرى، بناء على طلبه، اتصالا هاتفيا الصحيفة من طرابلس، إن المطروح هو فقط صيغة للمصالحة الوطنية لوقف نزف الدماء، أما موضوع بقاء ألقذافي في الحكم من عدمه فهو ليس مطروحا للنقاش مع أي جهة سواء داخل أو خارج ليبيا. وأضاف: "قلنا ونكرر: العقيد (ألقذافي) ليس برئيس أو حاكم تقليدي حتى يتنحى عن السلطة وهو (أي ألقذافي) قال لو أنه كان رئيسا لرمى استقالته في وجه من يطالبونه بها".
وأكد المسؤول الليبي أن القذافي لا يبحث عن ملاذ آمن للخروج من ليبيا، مشددا على أنه (القذافي) باق في موقعه كقائد للثورة، كما نفى المسؤول الليبي صحة ما تردد عن توجيه الساعدي نجل العقيد القذافي اتهامات عنيفة إلى شقيقه الثاني سيف الإسلام خلال لقاء مع إحدى القنوات الفضائية العربية، معتبرا أن تصريحات ألساعدي تم فهمها على نحو خاطئ. وقال: "هناك محاولات للوقيعة بين أبناء القذافي وكبار مساعديه، لكني أؤكد لكم أن هذا غير صحيح"، بيد أنه رفض في المقابل التعليق على معلومات بشأن حدوث إطلاق نار مكثف داخل مقر إقامة القذافي بثكنة باب العزيزية المحصنة في قلب طرابلس قبل بضعة أيام.
وكان مسؤولون رسميون في الحكومة الليبية قد تباروا في نفي وجود عرض من القذافي على المجلس الوطني الانتقالي الذي دشنه مؤخرا منشقون عنه ومعارضون له لإدارة المناطق المحررة من قبضة القذافي بعد ثلاثة أسابيع من الاحتجاجات الشعبية.
وبدا أن هناك خلافا بين أعضاء المجلس الوطني ورئيسه حول كيفية التعامل مع القذافي، حيث منحه عبد الجليل مهلة لمدة 72 ساعة فقط للخروج من الحكم مقابل عدم ملاحقته حقنا للدماء، في حين قال أعضاء آخرون في المجلس إنه يجب اعتقال القذافي ومحاكمته على "الجرائم البشعة" التي ارتكبها نظامه على مدى السنوات الـ42 الماضية ضد الشعب الليبي. واكتفت طرابلس بإنكار وجود أي عرض، وسخرت من فكرة تنازل القذافي عن سلطة لا يمتلكها، لكن عبد المنعم الهوني ممثل المجلس الوطني لدى الجامعة العربية بعد انشقاقه على نظام القذافي، قال في المقابل: "إذا كان القذافي كما يدعي لا يشغل منصب الرئيس الشرعي للبلاد، فالسؤال هو: على أي أساس يمارس صلاحيات رئيس دولة ويأمر بقتل مواطنيه".

اذا القذافي ليس له منصب..
فعلى اي اساس يتصرف كرئيس دولة!ّ
ومع ذلك، فأن رئيس إحدى الحكومات الغربية الوثيق الصلة بالقذافي يسعى لتشكيل وفد أوروبي يضم بعض رؤساء شركات النفط العاملة في ليبيا للتوجه إلى طرابلس الغرب حاملا معه عرضا للقذافي بتأمين خروجه مقابل عدم ملاحقته.
وقالت مصادر غربية وعربية: "مع مرور الوقت سنكتشف أن لا حل عسكريا لإنهاء هذا الوضع. ثمة مشروع سري يجري تداوله بتحفظ شديد بين بعض الحلفاء السابقين للقذافي لإقناعه بترك السلطة وعدم التمادي في قيادة بلاده إلى الهاوية". وأوضحت أن الجامعة العربية جزء من هذه المداولات للحصول على دعم عربي لها، مشيرة إلى أن هناك موافقة مبدئية من المجلس الوطني الانتقالي لاعتماد هذا المشروع إذا قبله القذافي. وعلم أن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أجرى اتصالا هاتفيا مطولا هو الأول من نوعه مع المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الليبي المناوئ للقذافي على خلفية استعدادات الجامعة العربية لعقد الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب بالقاهرة يوم السبت المقبل.
من جهته، قال الهوني إنه يتوقع أن يتخذ وزراء الخارجية العرب قرارا مهما بشأن تأييد المساعي الدولية لفرض حظر طيران على النظام الليبي لمنعه من الاستمرار في الغارات الوحشية لإخماد الثورة الشعبية ضده ولتفادى حدوث خسائر بشرية في الأرواح، بالإضافة إلى التعهد بتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى الشعب الليبي من دون قيود أو شروط. ونفى الهوني أن تكون السعودية أو أي دولة عربية أخرى تقدم حاليا مساعدات عسكرية للمناهضين للقذافي، وقال: "ليس صحيحا أننا نحصل على أي دعم عسكري، لكن أي جهة تريد أن تقدم مساعدات، فنحن من جانبنا نرحب بذلك".
imagebank - AFP