كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت تفاصيل "المذبحة الإسرائيلية" التي ارتكبتها كتيبة بسلاح المظليين بالجيش الإسرائيلي في حق عدد من جنود المشاه بالجيش المصري عام 1955 داخل مخيمهم في قطاع غزة على يد السفاح الإسرائيلي "أهارون ديفيد" الذي توفي الأسبوع الجاري. نشرت الصحيفة لإسرائيلية لأول مرة خرائط تنفيذ العملية التي لقبت في حينها باسم "عملية السهم الأسود"، موضحة أن العملية تمت بواسطة نائب قائد "كتيبة الانتقام" آرئيل شارون يوم 17 مارس يناير عام 1955 عندما فاجئوا القوات المصرية التي كانت موجودة في القطاع.

موشيه ديان أعطى الأوامر لتنفيذ
عمليات ضد مصر
وأعادت يديعوت نشر مقتطفات من تقريرها الذي كتبته عقب العملية في يوم 25 يناير على صفحتها الأولى والذي جاء فيه بأن إسرائيل ردت على سلسلة الهجمات من جانب الفدائيين المصريين على الإسرائيليين بعدد من المناطق الإسرائيلية بتوجيه ضربة موجعة لمصر، لتوصيل رسالة للقيادة المصرية برئاسة الزعيم جمال عبد الناصر مفادها أن أي عملية فدائية جديدة ستكون نتيجتها حصيلة دامية عليها.
ويذكر أن الانتقام الإسرائيلي جاء بعد وقت قصير من العمليات المصرية داخل قطاع غزة ضد الإسرائيليين في عملية سميت حينها بـ"السهم الأسود" بعد أن قرر وزير الحرب الإسرائيلي في ذلك الوقت دافيد بن جوريون وموشيه دايان، رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي القيام بالمهمة التي فرضت على قائد كتيبة المظليين الكولونيل آرئيل شارون ونائبه أهارون ديفيد. وبعد 57 عاما من العملية الانتقامية الإسرائيلية توفي منذ عدة أيام صاحب عملية "السهم الأسود" في شمال قطاع غزة، وتكريما لما فعله لسلاح المظليين خلال معركة الثأر من مصر قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بعمل نصب تذكاري بالقرب من غزة لتخليد ذكراه.
وأعدت قيادة الجيش الإسرائيلي حفلة تأبينية له أمس تحدث خلالها العديد من أصدقائه الذين أشادوا بتاريخه العسكري وعلى رأسهم العميد بسلاح الاحتياط ديفيد جاب، مشيرة إلى أنه توفي عن عمر يناهز 84 عاما. والهدف من العملية كان الانتقام من مصر بعملية كبرى، مشيرة إلى أن رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي في حينها موشيه دايان أكد في مقال لاحق له نشر في عام 1964 أن الهدف من عملية "السهم الأسود" لم يكن الانتقام أو العقاب ولكن الهدف الرئيسي كان "الردع" لوحدات الفدائيين سواء من مصر التي كانت تعمل ضد إسرائيل أو أي وحدات من الدول العربية الأخرى.
وأضاف موشيه ديان خلال مقاله الذي أعادت يديعوت نشر مقتطفات أيضا منه أنه قد أعطى الأوامر لتنفيذ عمليات ضد مصر على أراضيها – مشيرا إلى قطاع غزة الذى كان تحت السيادة المصرية- موضحا أن هذه العمليات تعد العقوبة المناسبة للمصريين ردا على استهداف القادة العسكريين الإسرائيليين ولتنبيههم بأن الدم اليهودى لن يذهب دون انتقام.
وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية أنه منذ عام 1953 قامت الوحدة 101 تحت قيادة شارون بالاستعداد للانتقام من المصريين عبر الحدود المشتركة، مشيرة إلى أن كتيبة المظليين التي أجرت العملية تم تأسيسها في وقت لاحق من الوحدة 101، لافتة إلى العديد من الجنود والضباط كان لديهم طموح كبير للانضمام إليها. ويشار أن تلك الكتيبة شاركت فى منتصف شهر أكتوبر 1973 فى عبور قناة السويس وعمل الثغرة بقيادة الجنرال آرئيل شارون، زاعمة بأن تلك العملية واحدة من اللحظات الأكثر أهمية التي غيرت من مجرى حرب "يوم الغفران".

شارون عمل على رصد كل المعلومات
عن معسكر الجيش المصري
وأوضحت الصحيفة العبرية أن كتيبة "السهم الأسود" كانت لديها فرصة جيدة لإرضاء الجميع في إسرائيل للثأر من المصريين، واختار شارون لهذه المهمة عددا كبيرا من كبار الضباط وجميعهم تلقى الأوامر بالاستعداد ثم تم اختيار عدد قليل من مهم لتنفيذ المهمة واتخاذ جميع الترتيبات لشن الهجوم. وأوضحت يديعوت أن عملية "السهم الأسود" في أرشيف الجيش الإسرائيلي تعد من أهم العمليات وأنها فرضت من قبل شارون وديفيد للرد على أعمال القتل والمخابرات من جانب المصريين فى قطاع غزة، وقال شارون "الهدف من هذه العملية هو الدخول معسكر للجيش المصرى في قطاع غزة وقتل جميع الجنود وتفجير كل الأسلحة والقنابل الموجودة فيه، وتخريب منشآته بالكامل حتى تتم العملية بنجاح".
ونقلت يديعوت عن العميد المتقاعد بالجيش الإسرائيلي عوزي عيلام، نائب قائد العملية والذي حصل على ميدالية شرف قوله: "إن الهدف من العملية كان هو القتل والثأر من مصر وتفجير معسكر الجيش في غزة". وحول الخسائر البشرية في صفوف الجنود المصريين، قالت يديعوت إن الكتيبة الإسرائيلية قتلت الجميع حتى الجرحى منهم ولم تترك أحدا على قيد الحياة كما قامت بتفجير المعسكر بالكامل وأن قوات المظليين الإسرائيليين نجحوا في تفعيل عنصر المفاجأة في الدقائق القليلة الأولى.
وقالت يديعوت إن العملية قام بها خمسة من قادة سلاح المظليين كان على رأسهم السفاح ديفيد، بالإضافة إلى قوة ثالثة بقيادة مات داني، بالإضافة لديفيد بن اليعازر الذى شغل منصب رئيس هيئة الأركان بالجيش الإسرائيلي عام 1973 وانضم بعد ذلك لقيادة شارون من قسم التدريب في هيئة الأركان العامة. وكشف شارون أن جهاز الاستخبارات العسكرية وصل له معلومات تفيد بأن القطاع به العديد من القوات المصرية وأن معظم معرفته للمنطقة تعتمد على الصور الجوية التي أثبتت صحتها، "وقد تم العمل من خلال الاستطلاع في الكتيبة على رصد كل المعلومات عن معسكر الجيش المصري في الوقت الذي كانت تخشى فيه أن يعبر المصريون بها وبالتالي يقوموا بحالة التأهب.
وأضافت يديعوت أن ضابط المخابرات والاستطلاع قدم للعقيد شارون صور الخرائط الجوية لغزة وفك رموزها حتى تبين من خلال الصور الجوية السياج حول المخيم، الذي خطط لاختراقه من الداخل عن طريق قوات المظلات للسماح لدخول القوات الإسرائيلية الأخرى من الخارج.
وفى 28 فبراير 1955 وفى تمام الساعة الثانية ظهرا قامت قوات إسرائيلية بالتوجه نحو الجنوب لتعطيل أنشطة المخابرات المصرية والحفاظ على السرية المطلقة للعملية، وذلك فى خلال خمس عشرة دقيقة لجمع كل المعلومات عن المعسكر. وعن تفاصيل المجزرة الإسرائيلية قالت يديعوت خلال تقريرها المطول: "عندما أعطيت الأوامر للخروج بدأت قوة للتحرك غربا وعبرت الحدود، وبعد توقف قصير هناك جاءت المكالمة من قيادة الجيش الإسرائيلي بالتنفيذ، وعلى الفور بعد إطلاق الرصاصة الأولى سرعان ما بدأت المعركة".
imagebank - AFP