عندما يتابع المرء اخبار فرنسا تراوده الشكوك حيال نفسه ومفاهيمه، فماذا تعني كلمة "سجن" بالنسبة لهم يا ترى؟ أمس التلفزيون واليوم الإنترنت، فبماذا سيطالب السجناء في فرنسا غداً؟ هل بالانتقال الى منازلهم؟ أم بوجبات غذائية أعدها أشهر الطباخين، كما يتهكم سياسيون في المعارضة والموالاة معاً.
انبسط انبسط آه!!

فوسط احتدام مسألة ترحيل الغجر، تنشغل الأوسـاط السياسية الفرنسية بمسألة مطالبة السجناء بتزويدهم بالإنترنت، باعتبار أن ذلك حق من حقوقهم الإنسانية، خصوصاً أنهم يمــلكون اليوم حق إدخال أجهزة التلـفزيون الى زنزاناتهم في مقابل بدل مادي بســــيط، وهو امـتياز كان وزير العدل روبير بادنتير في عهد الرئيــس فرنســوا مــيتران منحهم إياه وأثار في حينها نقاشات صاخبة في البرلمان.
مسألة الإنترنت مرشحة بدورها لإثارة صخب سياسي، لكن هذه المرة في صفوف الأكثرية اليمينية الحاكمة. فوزيرة العدل ميشيل اليو ماري هي صاحبة المشروع الذي تعلله باطلاع السجين على ما يجرى في العالم الخارجي وإمكان اتصاله المباشر بعائلته وتبادل الرسائل، الأمر الذي يساعده، بحسب اليو ماري، على التخطيط لاستعادة مكانته في المجتمع.
لكن موقف وزيرة العدل لا يلقى إجماعاً، إذ ارتفعت أصوات، ليس فقط في المعارضة، بل ايضاً في صفوف الغالبية ترفض مشروع "إنترنت السجن" بحجة أنه من الكماليات وأن الاتصال بالعالم الخارجي يتضمن أخطاراً أكثر مما يحمل فوائد، فالسجين سيستطيع بواسطة الإنترنت الاتصال برفاق السوء والتخطيط لعمليات إجرامية، كما قد يساعد الإنترنت على تنفيذ عمليات فرار من السجن، إضافة الى سلبيات كثيرة أثارها معارضو المشروع.
وأمام رفض المعارضة وجزء من الأكثرية لم تجد وزيرة العدل بداً من إعادة النظر بمشروعها والاكتفاء ربما بتجهيز قاعات جماعية مجهزة بالإنترنت يستطيع المساجين استخدامها في شكل محدود وتحت رقابة مشددة، خصوصاً بالنسبة الى المواقع التي يرتادونها.