مسلسلات رمضان
سانو.. مملكة الجودة والتواضع
11/07/2011

تُعتبر شركة "سانو" إحدى الشركات الرائدة في البلاد، وهي تختص في إنتاج منتجات النظافة الشخصية والعامة، بالإضافة إلى مواد التنظيف للإستخدامات المنزلية والتصنيعية. في عام 1960 قام السيد برونو ليندسبيرغ بتأسيس "سانو"، ومنذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا يترأس ليندسبيرغ مجلس إدارة الشركة. حال دخولك مكتب السيد ليندسبيرغ لا بد وأن تفاجأ بتواضع هذا الرجل الكبير، قدرًا وسنّا. وكم تكون المفاجأة كبيرة من حفاوة الإستقبال الشخصي والحارّ والحميمية التي يغمرك بها.

سانو.. مملكة الجودة والتواضع صورة رقم 1

برونو ليندسبيرغ

لا أخالني أبالغ اذ أقول إن سر نجاح هذا الرجل العظيم يكمن في تواضعه الكبير ومحبّته للناس على إختلاف أعراقهم، مشاربهم ودياناتهم. وعلى هذهِ الخلفية ندرك جيدًا لماذا يكنّ السيد ليندسبيرغ محبّة واحترامًا كبيرين للوسط العربي، ولماذا يبذل الجهود والمساعي الجبّارة، رغم إنشغالاتهِ الكثيرة وسِنّه، في سبيل تحقيق السلام بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني.

كيف كانت بداية "سانو"، وهل لك أن تحدّثنا عن المُنتج الأول لشركة "سانو" الذي، وبدون شك، تعتز وتفتخر بهِ؟
- في عام 1959 قررنا ان نُنتج مُنتجًا جديدًا للمراحيض، أسميناه "سانو بون". وكان التجديد في هذا المُنتج أنه وُضع في عبوة ﭘـلاستيكية وليست معدنية، كما كان حال منتجات شركة "هارپيك" المنافسة. وفي حقيقة الأمر كنّا الأوائل في تصنيع المنتجات التي تُعبّأ في عبوات بلاستيكية، وبذلك تغلّبنا على مشكلة تعرّض المُنتج للصدأ، خاصة وانه مركّز جدًا. ورغم تجربتنا القصيرة والمتواضعة آنذاك، شاركنا في مسابقة العبوة الأفضل وحصلنا على جائزة بفضل العبوة البلاستيكية التي كنّا السبّاقين اليها.

هل أشركت أحداً في فكرة إنتاج ذلك المُنتج، أم كانت تلك مبادرة شخصية؟ كيف بدأ ذلك؟
- في معظم الحالات الفكرة لإطلاق منتج جديد تكون فكرة جماعية، وليست فردية. هنالك عدة عوامل: يُمكن أن تكون المبادرة مستوحاة من السوق حيث المنتجات، أو مستمدّة من زيارة أحد المعارض، أو أن تُشاهد منتجًا قائمًا في السوق فتقرّر تغييره بعد استلهام فكرة ما.

على سبيل المثال: كنّا الأوائل (وحصلنا على براءة اختراع) الذين عرضنا المنتج "سانو داي" لمكافحة الباعوض (واقٍ شخصي من الباعوض). كنت أوّل من عرض إقتراح إنتاج "سانو داي"، بحيث يكون بُشرى سارّة لجمهور المستهلكين، علماً ان الخبيرة الكيميائية وآخرين في "سانو" لم يؤمنوا بإمكانية إنجاز مثل هذا المُنتج، ولكنني أصررت على ذلك بقوة، وها هو "سانو داي" موجود في السوق على مدار أكثر من 30 عاماً. وفي حينهِ إعتُبرت الحملة التسويقية والترويجية لـِ "سانو داي" بمثابة حملة تاريخية ومثيرة، تم تسجيلها على أنها براءة اختراع.

هلا تفضّلتَ بخوض تفاصيل تلك الحملة؟

سانو.. مملكة الجودة والتواضع صورة رقم 2

تُعتبر شركة "سانو" إحدى
الشركات الرائدة في البلاد

- فكّرنا في طريقة نُثبت فيها أن "سانو داي" فعّال وناجع. في تلك الأيام كانت المنتجات المُماثلة تُستعمل بطريقة الدهن أو أنها على شكل "ستيك" للدهن (آنذاك إعتُبر مُنتجًا عصريًا) من انتاج شركة "باير" العالمية، وكانت أيضًا منتجات "آل – توش" وغيرها التي اعتمدت اساسًا على الرّش. رأيت ان استعمال "الستيك" على الجسم يستغرق وقتًا طويلاً، ناهيك على إلتصاق المادة بالجسم وما يحمله ذلك من إزعاج وشعور غير مريح. وعندهـا خطرت ببالي فكرة إنتاج "سانو داي" على أساس "رول – أون" مع إدخال التغييرات المطلوبة على المعادلات وتصنيع مادة ترتكز على المادّة الفعّالة وإدخال الكحول والعطور، بحيث يُمكن إستعمال المُنتج تمامًا كما تُستعمل العطور. وكل ما تبقّى علينا هو أن نُثبت للناس أن "سانو داي" ناجع وفعّال. في تلك الأيام كانت عندنا فتاة تدعى رونيت ڤـيـچلر(17 عامًا) (لاحقاً فازت بلقب ملكة جمال) فسألتها إذا ما كانت مستعدة لدهن المادة على جسدها، وبعد ذلك الدخول إلى غرفة مليئة بآلاف حشرات الباعوض. واخترنا مكانًا ملائمًا في المصنع وأرسلنا إلى عشرات الصحفيين دعوات لحضور التجربة، أحضرنا الباعوض من جامعة بئر السبع وبعد ذلك دعونا الفتاة فقامت بدخول القفص المليء بالباعوض ولم يحدث لها أيّ مكروه حيث لم تَدْنُ منها أيّة باعوضة.

كيف نجحت "سانو" في مواجهة الشركات العالمية التي رأت، ولا تزال، بالبلاد سوقاً جذابة وذات قدرة تسويقية عالية؟
- لقد إعتقدنا دومًا بأننا قادرون على منافسة الشركات العالمية، حتى لو كانت ميزانية الأبحاث لتطوير منتجات لدينا متواضعة جدًا مقارنة مع المنافسين الذين سمحوا لأنفسهم برصد ملياردات الدولارات، بينما نحن لم نتمكّن من تجنيد بضعة مئات آلاف الدولارات، وبالرغم من ذلك أفلحنا في تجاوزهم في عدّة مجالات، وهنا تكمن قوّتنا وميزتنا. لم نخشَ من المنافسة والإنكشاف، ونجحنا في تحقيق الإنجازات وإثبات أنفسنا خاصة في مجال الجودة والنوعية اللتين لا ولن نساوم عليهما أبدًا. الأمر الثاني كان منح "سانو" إسمًا عائليًا، فقمنا بإطلاق الإسم "سانو" على المصنع أيضًا، وذلك لتقوية الشركة.

المعروف عنك بأنك تسعى من أجل دفع وتوطيد العلاقات بين العرب واليهود. ما سِرّ محبّتك للوسط العربي؟
- وفقًا لمبادئي وآرائي، لا أحكم على أيّ انسان بحسب قوميتهِ وأصله وإنما بناء على إنسانيتهِ وطبيعتهِ، بعيدًا عن كونهِ أسود أو عربياً أو يهوديًا. يجب أن يتمّ الحكم على الشخص بناء على إنسانيتهِ، أعماله، تخصّصه وتعامله مع الآخرين، ولذلك عندما قدمت إلى البلاد في حينهِ آمنت أن في هذهِ البلاد يعيش شعبان وليس شعبًا واحدًا، وينبغي علينا أن نتعامل مع الأمور وفق هذهِ الرؤية لكي نتمكّن من التوصل إلى تفاهم وتعاون. وهنا أشير إلى أنه في عام 1972 كنت أملك مطعمًا رومانيًا وقد درجت على التحدّث والنقاش مع روّاد المطعم، وكنت أنادي دومًا بضرورة إعادة ما تم إحتلاله من أراضٍ وصنع السلام. كنت من الأوائل الذين تفاوضوا مع عرب وفلسطينيين حول ضرورة تحقيق السلام بين الطرفين.

سانو.. مملكة الجودة والتواضع صورة رقم 3

لا تبدأ في شيء ما دون أن تكون مُلمّا ومُدْركًا

كما شاركت في التسعينيات من القرن الماضي في مفاوضات السلام بين الجانبين، والتقيت مع قادة عرب مثل د. مصطفى خليل، رئيس الحكومة المصرية الأسبق وغيره الكثيرين. بعد ذلك زرت المغرب ومؤخّرًا التقيت بالرئيس الفلسطيني ابو مازن ضمن حركة "اسرائيل تبادر".

بصفتك شخصاً رائداً وطلائعياً بدأ من الصفر، وسرعان ما نجح في إقامة شركة كبيرة وناجحة جداً، بماذا كنت تنصح رجل أعمال أو شاباً عربياً يريد شقّ طريقه؟
- لا تبدأ في شيء ما دون أن تكون مُلمّا ومُدْركًا وعارفًا إلى اين انت ذاهب وماذا ستفعل.. وبكلمات أخرى يجب إتخاذ كافة التحضيرات من ناحية مهنية والإستعداد للعمل الجادّ والشّاق. وهذهِ الصفات هي التي اعتمدها في قبول موظفين في الشركة، فمثلاً اذا ارسلوا إلي شابًا عربيًا يملك هذه الصفات والمؤهلات فسوف أقبله للعمل بكل ترحاب. بإعتقادي أنه بدون الإندماج في الثقافة والإقتصاد يصعب النجاح.

كما تعرف بعض البنى التحتية في الوسط العربي ليست على ما يرام
- أريد القول إن الأوضاع الإجتماعية تشكّل جانبًا واحدًا من المشكلة، والبنى التحتية تُشكّل الجانب الثاني، أما البُعد الثالث من المشكلة فسببه إسرائيل، التي تتحمل جزءاً من المسؤولية، ولكن مع الوقت أدركنا أنه لكي ننعم بالحياة والإستقرار يجب أن ينعم الطرف الآخر بذلك ايضًا. أعتقد أن التعاون بين الفلسطينيين الإسرائيليين هو الأهم والحاسم من كل الجوانب. لا يوجد للفلسطينيين أيّ قاسم مشترك مع الأردنيين أو الإيرانيين أو السوريين. القاسم المشترك الوحيد للفلسطينيين هو مع الإسرائيليين. بإعتقادي لو كان هنالك تعاون بين الفلسطينيين والإسرائيليين لوصلنا إلى أبعد الحدود ولحقّقنا إنجازات كبيرة.

سانو.. مملكة الجودة والتواضع صورة رقم 4

سانو.. مملكة الجودة والتواضع صورة رقم 5

سانو.. مملكة الجودة والتواضع صورة رقم 6