انطلقت وزارة حماية البيئة بحملة مكافحة ظاهرة حرق النفايات في الوسط العربي، بهدف رفع الوعي لمخاطر وعوارض استنشاق الدخان والغازات المنبعثة من عملية الحرق داخل القرى والبلدات العربية، يسلط لنا الضوء، د. محمد يونس ابن قرية عرعرة والمتخصص في الأمراض الباطنية وأمراض الرئتين في مستشفى "هعيمك" في العفولة، على المخاطر الكامنة من عملية حرق النفايات وإسقاطاتها على جهاز التنفس.

في مستهل حديثه عن المخاطر الصحية والبيئية التي نتعرض لها كمواطنين جراء حرق النفايات أوضح د. محمد يونس بداية : "في كل عملية حرق للنفايات ينطلق غاز ثاني أكسيد الكربون وغاز أول أكسيد الكربون والذي يسبب أضرارا بالبيئة بكافة جوانبها وأهمها ضرر لطبقة الأوزون مما يسبب ارتفاع لدرجة حرارة الأرض، هذا على المدى البعيد. يعتبر غاز أول أكسيد الكربون غاز سام جدا ويسبب ضررا كبيرا لمن يتعرض له أو يستنشقه عن طريق الجهاز التنفسي. إن انبعاث هذا الغاز السام جراء حرق النفايات يؤدي إلى دخوله إلى جسم الإنسان عن طريق الجهاز التنفسي وارتباطه بالهيموجلوبين مما يعرض أجهزة حيوية كالقلب، المخ والكلى لضرر بالغ وذلك نتيجة استبداله للأكسجين المهم لعمل هذه الأجهزة".
"حرق المواد الكيماوية أو البلاستيكية هو الأخطر على حياة الإنسان"
ونوه الدكتور يونس أيضا أن حرق النفايات البلاستيكية أو أي مواد تحوي كيماويات تعتبر الأخطر على صحة الإنسان في حال تم استنشاقه ويعرضه إلى أضرار صحية مباشرة؛ منها حالات الاختناق، من هذه الأضرار أيضا حالات الغثيان، التقيؤ وآلام حادة في الرأس وغيرها. وتابع قائلا:" إذا تواجدنا قريبا جدا من منطقة الحرق والاشتعال فالهواء الساخن المنبعث يؤدي إلى انقباض في القصبات الهوائية، وفي حالات معينة وإذا كان الإنسان مصاب بالربو وتواجد في منطقة قريبة من الحرق قد يتسبب له ذلك بنوبة ربو حادة. أما بالنسبة للإنسان المعافى فقد يتسبب استنشاق الدخان الساخن نتيجة الحرق إلى إنتفاخات في القصبات الهوائية أو حتى في كثير من الأحيان إلى حروق في الجدران الداخلية للقصبات الهوائية، خاصة وأننا نتحدث عن درجة حرارة عالية للدخان الذي ينبعث من عملية حرق النفايات".

حرق المواد الكيماوية أو البلاستيكية
هو الأخطر على حياة الإنسان
"قد تكون هذه العوارض عوارض مؤقتة يعاني منها من استنشقوا دخان حرق النفايات. أما الأضرار المستديمة التي قد تنجم جراء استنشاق الدخان، فقد تؤدي إلى مرض الفيبروزيس-"التليف" وذلك نتيجة لالتهاب مستديم في الحويصلات الهوائية، إذ يستبدل النسيج الداخلي للرئتين بنسيج آخر غير فعال. إضافة إلى هذا كله، الحرق يسبب في كثير من الحالات لظهور أعراض ربو عند الإنسان المعافى حتى إذا كان غير مصاب بهذا المرض. كذلك فان مرضى الربو إذا ما استنشقوا هذه الغازات والدخان المنبعث من حرق النفايات فسيؤدي ذلك إلى تفاقم المرض لديهم" يشير الدكتور يونس. وفي رده على سؤال عن تأثير حرق المخلفات الصناعية والمصالح الصغيرة داخل البلدات، على صحة السكان قال: "حرق المواد العضوية من قبل أصحاب المصالح الصغيرة من مخلفات وبقايا اللحوم والأسماك، مثلا، لا يقل ضررا عن حرق أي مواد كيماوية وبلاستيكية أخرى وتأثيرها على صحة الإنسان يكون أحيانا كثيرا بنفس النسبة. ناهيك عن أن الدخان الذي يحمل مواد سامة المنبعثة من حرق هذه المواد ينطلق في الهواء وفي معظم الحالات يدخل المنازل، وأحيانا أخرى قد يصل إلى مصادر المياه ويلوثها".
"المسنون وصغار السن ومرضى الربو الأكثر عرضة لمخاطر دخان حرق النفايات"
أما بالنسبة للمجموعات السكانية الأكثر عرضة لمخاطر حرق النفايات يشدد د. يونس قائلا:" المصابون بمرض الربو هم أكثر المتضررين من هذه الظاهرة ومن ثم المرضى الذين يعانون من مرض الانسداد الرئوي. وفي الدرجة الثانية، يعتبر صغار السن والمسنين من الشرائح السكانية ذات الاحتمال الأكبر للإصابة بعوارض وأضرار صحية جراء استنشاق دخان حرق النفايات، إذ أن المسنين في أغلب الأحيان يعانون من أمراض مزمنة وأية إصابة بسيطة في القصبات الهوائية جراء استنشاق دخان حرق النفايات ممكن أن يؤدي إلى تفاقم وضعهم الصحي وتعرض حياتهم للخطر". وأما بخصوص الشباب فأضاف: "حتى الشرائح الشبابية ممكن أن تتعرض لإصابة بالغة في القصبات الهوائية بنسب متفاوتة إذا ما تعرضوا بشكل مستمر لدخان حرق النفايات".
"تعرض الإنسان لاستنشاق المواد السامة يوميا يؤدي إلى تزايد الأضرار والمخاطر على الصحة"

"آمل أن تحدث رسالة الحملة تغيير"
وفي سؤال عما إذا كان البعد الجغرافي عن منطقة الحرق قد يخفف أعراض المرض على صحة الإنسان، يجيب د. يونس، أن حرق النفايات لا يعتبر الطريقة المثلى للتخلص من النفايات، ومن هنا بدأت الدول المتحضرة بإتباع طرق بديلة أخرى للتخلص من نفايات لا بل واستغلالها. مع هذا، تعرض الإنسان لاستنشاق مواد سامة المنبعثة من حرق النفايات في الأماكن المحيطة به بشكل يومي يؤدي لارتفاع تركيز المواد السامة المختلفة وذلك تبعا للمادة المحروقة في الهواء عامة، الأمر الذي قد يساهم في تراكم وتزايد الأضرار والمخاطر على الصحة. ونصح د. محمد يونس جمهور المواطنين عامة بالامتناع عن رمي النفايات في الأماكن غير المعدة لذلك، مشيرا إلى أن رميها يسبب مخاطر صحية قد تنجم بسبب انبعاث الروائح الكريهة ونشر المايكروبات في الجو، فكم بالحري الأضرار التي قد يسببها حرق هذه المواد. "للأسف هناك من يعتبر هوامش الطرقات مكانا مناسبا لرمي هذه النفايات خاصة وان همّ الكثيرين أن يحافظوا على محيط منازلهم نظيفة، لكنهم لا يدركون حقا أن هوامش الطريق والغابات التي يلقون فيها هذه النفايات هي جزء من البيئة التي نعيش بها وأن الضرر الذي نسببه برمي هذه النفايات وحرقها سيعود بالسلب على حياتنا وجودة البيئة في نهاية الأمر".
كيف ترى هذه الحملة التي تقودها وزارة حماية البيئة لمكافحة ظاهرة حرق النفايات داخل البلدات العربية وبالقرب منها ?
"أحيي هذه الحملة وأشد على أيادي المبادرين إليها، وآمل أن تحدث رسالة الحملة تغيير في تصرفات وتعامل السكان مع الموضوع، كما أشدد على أن التثقيف الصحيح يمكن أن يرفع من وعي أبناء المجتمع للأضرار الناجمة عن حرق النفايات داخل البلدات العربية وقريبا منها".