مسلسلات رمضان
رمضان زمان: المحتسب يأمر بائع غشاش بخلع ملابسه والجلوس فوق صينية الكنافة الساخنة!
08/07/2015

كانت القاهرة منذ نشأتها مركزا للتجارة العالمية، وانعكس ذلك على حركة البيع والشراء بها، فأصبحت أسواقها أكثر بقعها ازدحاما وضجيجا، وخلال شهر رمضان كان الازدحام على "الحوانيت" أكثر المظاهر إثارة وتشويقا في أسواق القاهرة، خاصة أن أهلها حسبما لاحظ الرحالة كانوا يشترون طعامهم مطهيا من الأسواق، واستمر هذا الوضع حتى مجيء الحملة الفرنسية في نهاية القرن الـ18، ولا شك أن الفترة المحددة للإفطار وهي لحظة الغروب، كان يسبقها صخب يمتد إلى وقت السحور. ومن أشهر الأسواق التي كانت تشتهر بها مصر شهر رمضان، خاصة خلال فترة حكم المماليك والحملة الفرنسية على مصر:

سوق "بين القصرين"
أمدنا الرحالة المغربي "العبدري" بصورة حية لما كان عليه حال سوق "بين القصرين" في أواخر شهر رمضان من عام 788 ه، فقال: "كنت قلما أرقد إلا منغصا لصياح الباعة وهم يبيعون طول الليل والطرق غاصة بالخلق حتى ترى الماشي فيها لا هم له سوى التحفظ من دوس الدواب إياه ولا يمكنه تأمل شيء في السوق، لأن الخلق مندفعون فيها مثل اندفاع السيل، وقد ضاعت لي بها دابة بسبب الزحام، وكان عليها شخص راكب فتكاثر عليه الزحام حتى أسقط عنها، واندفعت في غمار الخلق ولم يمكنه التوصل إليها وهو يبصرها حتى غابت عنه، وكان آخر العهد بها".

  رمضان زمان: المحتسب يأمر بائع غشاش بخلع ملابسه والجلوس فوق صينية الكنافة الساخنة!  صورة رقم 1

سوق "الشماعين"
كان يوجد العديد من الأسواق التي كانت تنشط فيها الحركة خلال شهر رمضان بشكل خاص، وبالتحديد خلال العصر المملوكي، وقال "المقريزي": "كان سوق الشماعين بالنحاسين الذي كان يمتد من جامع الأقمر إلى سوق الدجاجين في القاهرة، من أهم الأسواق خلال القرنين الـ8 والـ9 الهجريين، فكان به في شهر رمضان موسم عظيم لشراء الشموع الموكبية التي تزن الواحدة 10 أرطال أو أقل".

  رمضان زمان: المحتسب يأمر بائع غشاش بخلع ملابسه والجلوس فوق صينية الكنافة الساخنة!  صورة رقم 2

وأضاف: "وكان أرباب سوق الشماعين يحتفلون بمقدم هذا الشهر بتعليق الفوانيس المتخذة من الشمع على واجهات الحوانيت وعلى جوانبها، وكانت أحجام الشموع تتنوع ما بين كبيرة وصغيرة فمنها شموع المواكب الكبيرة، ومنها ما يزن 10 أرطال، ومنها ما يحمل على العجل ويبلغ وزن الواحدة منها القنطار". وكانت مشاهدة هذا السوق في الليل من الأشياء المحببة للمصريين، وبفضل هذا السوق وتقاليد تجارته نشأت فوانيس رمضان التي نعرفها الآن.

سوق "السكرية"
لم يضاهي سوق "الشماعين" حركة ونشاطا في شهر رمضان سوى الأسواق والحوانيت التي كانت تبيع أصناف الياميش وقمر الدين وعلى رأسها سوق "السكرية" داخل باب "زويلة"، وكان يعج بأنواع "الياميش" و"قمر الدين". وكان "البدالون" أي أصحاب البقالة يفرشون على أبواب محالهم الياميش وقمر الدين، وكانت رخيصة السعر في متناول الجميع، حتى كانت تقدم للضيوف في رمضان للتفكه والتسلية، بل كانت توزع على الأطفال الذين يسيرون في زفة بالفوانيس.

  رمضان زمان: المحتسب يأمر بائع غشاش بخلع ملابسه والجلوس فوق صينية الكنافة الساخنة!  صورة رقم 3

سوق "الحلاوين"
كان سوق "الحلاويين" تروق رؤيته في شهر رمضان، إذ كان من أبهج الأسواق ومن أجمل الأشياء منظرا، حيث كان يصنع فيه من السكر أشكال خيول وسباع وغيرها تسمى "العلاليق" ترفع بخيوط على الحوانيت، فمنها ما يزن 10 أرطال إلى ربع رطل، وتشترى للأطفال، فلا يوجد أحد في السوق سواء كان فقيرا أو ثريا حتى يبتاع منها لأهله وأولاده.

  رمضان زمان: المحتسب يأمر بائع غشاش بخلع ملابسه والجلوس فوق صينية الكنافة الساخنة!  صورة رقم 4

وكالة "قوصون"
كانت وكالة "قوصون" بشارع "باب النصر"، التي ترجع إلى القرن الـ8 الهجري، مقر تجار الشام، ينزلون فيها ببضائع بلاد الشام من الزيت والصابون والفستق والجوز واللوز والخروب. وكانت الأسواق في العصر المملوكي تخضع لمراقبة "المحتسب"، الذي كان يمر من حين لآخر على أسواق المدينة يتقدمه عامل يحمل الميزان والصنج، وخلفه الجلادون والخدم، وهو يمر على الدكاكين والأسواق واحدا بعد الآخر يفحص الموازين والمكاييل، ويستفسر عن ثمن المأكولات، ويتأكد من نظافتها، وإذا اكتشف مخالفة يعاقب مرتكبها على الفور.

  رمضان زمان: المحتسب يأمر بائع غشاش بخلع ملابسه والجلوس فوق صينية الكنافة الساخنة!  صورة رقم 5

عقاب البائعين الغشاشين
وتذكر كتب التاريخ عقوبات غريبة أنزلها "المحتسب" على الغشاشين، وأشهرها الرجل الذي كان يبيع الكنافة ناقصة الوزن، فأمر المحتسب بجلوسه عاري المؤخرة فوق صينية الكنافة الساخنة، وأحيانا كان المحتسب يقطع جزءا من الأذن أو الأنف.

  رمضان زمان: المحتسب يأمر بائع غشاش بخلع ملابسه والجلوس فوق صينية الكنافة الساخنة!  صورة رقم 6

وكانت السوق تتكون غالبا من مجموعة من الدكاكين المتجاورة التي تتاجر في نفس الصنف، ويصف المستشرق الإنجليزي إدوارد لين شكلها خلال العصر العثماني، قائلا: "يتكون الدكان من كوة مربعة الشكل، أو حجرة صغيرة ارتفاعها 6 أقدام أو 7 تقريبا، وعرضها 3 أقدام أو 4، ويجلس التاجر غالبا على المصطبة، ويقدم التاجر الشبك إلى حرفائه الدائمين، أو من يشتري بضاعة كثيرة، إلا إذا كان هؤلاء شبكهم، ثم يرسل على أقرب مقهى في طلب القهوة التي تقدم في فناجين صغيرة من الخزف الصيني داخل ظرف من النحاس الأحمر". بتصرف عن المصري.

  رمضان زمان: المحتسب يأمر بائع غشاش بخلع ملابسه والجلوس فوق صينية الكنافة الساخنة!  صورة رقم 7

  رمضان زمان: المحتسب يأمر بائع غشاش بخلع ملابسه والجلوس فوق صينية الكنافة الساخنة!  صورة رقم 8

  رمضان زمان: المحتسب يأمر بائع غشاش بخلع ملابسه والجلوس فوق صينية الكنافة الساخنة!  صورة رقم 9