دمار وموت تعيش أثاره يمينًا ويسار فالموت قد وجد مكانه في البلد فلم تكن الحرب يوما أو اثنين، تأثرت العراق وتألم أهلها فباتت الوظائف شحيحة والمواهب مدفونة، حتى المهندس لم يعد له عمل يشغله، وسط كل ذلك رفض المهندس العراقي عمرو الدوري أن تبعده الظروف عن شغفه الهندسي، لكنه وقع بين الاختيار الرسم أم الهندسة، فباتت 7 سنوات إنقطاع دراسية واجتهاد بلا توقف، 7 سنوات غلبت الهندسة على تفكيره فباتت المسيطرة على هوايته المفضلة، حتى كادت فرشاته وقلمه أن ينسياه. وتخرج ليُصدم أن المهندس في بلده لم يعد له شأن حتى لم يحصل على عمل، سيطر عليه الحزن والألم بعد مشقة دراسية، شهور على ذلك إلى أن تذكر شغفه الحقيقي وحبه للرسم فأنقذه من تعبه واختار أن يعود للرسم لحين إيجاد عمل، لكنه لم يعد كما كان سابقًا أستغرق أشهر حاول فيها أن يخرج أحسن ما فيه وبعد 6 أشهر كاملة كانت أولى رسماته ثلاثية الأبعاد بسيطة الهيئة إلا أنها كانت أول الخيط.

ويروي في حوار صحافي: رجعت للرسم وحاولت ازيد المستوى والتحدي فضاعفت الحجم و الدقة، ليصل طول العمل من 4.5متر الى 5متر وبدأت أعرض الأعمال على صفحات التواصل الاجتماعي، وتزايد المعجبين بالأداء من ألف لآثنان وأربعة ويزيد، وكنت بعلم نفسي من خلال مقاطع اليوتيوب كنت اضع الأوراق بشكل متعامد وانظر بالساعات؛ لإيجاد الزاوية المناسبة و التشوية المناسب للأبعاد إلى أن توصلت للاتقان من خلال الرسم المستمر من 6 الى 10 ساعات باليوم".

يعتمد عمرو على تقنية التشوية المناسب للبعد وهو تغير أبعاد الرسمة بحيث لو نظرت إليها من غير زاوية التصوير سيكون الرسم غير منطقي بدأ عمرو طريقة لنشر أعماله على نطاق واسع وتناقلاتها الكثير من الصفحات الفنية الأجنبية، ليصل بأعماله حد العالمية، لدقتها المتناهية في التكوين والتشييد فيوضح: لا يوجد طريقة بعينها لضبط العمل لكن هو صعب و يحتاج دقة فالجانب العمودي يجب أن تكون مستنده، لكن عمل مثل الباندا في اتنين اسكتش واحد مستوي والتاني".

ويحاول رغم كل شئ التمسك بفنه ومحاولة إضافة المزيد من التحدي واضعًا الرسم الواقعي الخطوة التالية له، ويصف رسمه الحالي قائلًا: "الرسم ثلاثي الابعاد يكون أقرب إلى الحقيقة و فيه حركات تجعل المشاهد يتسائل كيف اصبحت الرسمة واقفه في المنتصف أين رسمة أجزاءه الخارجة من الورقة، وبالفعل حاولت ارسم بالاكرليك لكن الرسمة الواحدة بتكلف 20دولار، وأصعب رسمه كانت باتمان أخذت مني قرابة 160 ساعة، لانها كانت أول رسمه بالحجم الكبير".

يؤمن الدوري أن فنه غير قابل للتنازل فمهما تبدلت الأحوال سيظل يرسم حتى إذا عثر على عمل في مجال الهندسة لا يقلل من شأنه لن يستغنى عن الرسم، بل ينوي أن يرسم جميع شخصيات أفلام marvel وغيرها من المشاهير، محاولًا تخطي عامل الوقت الذي يتخطى المئة ساعة وحد طول العمل الذي وصل 5 أمتار مكونة من 10 طبقات فلا يوجد ورقة كاملة تمثل هذا الطول الذي يعد من أطول اللوحات التي رسمت على ورق.اختار أن يكمل طريقة بأقل الامكانات التي تتوفر فهو لا يملك جهاز إلكتروني يساعده على تحديد الأبعاد الصحيحة للرسمة لكنه يقيس بيده وعلى الرغم من إنها تعد عقبة قوية أمامه إلا أنه لم يسمح لها إلى الآن.