اشتهرت الفنانة اللبنانية كارول صقر بصدقها وطيبتها، واختلافها عن باقي فنانات جيلها، فهي طيّبة حتى أخمص قدميها، خلوقة و حسّاسة جدا، وهي من القليلات اللواتي يدركن أنّ الفنّ أخلاق، واللواتي يسخّرن مواهبهنّ للارتقاء في مستوى الذوق العام. ومؤخرا اطلقت كارول اغنية خاصة للمخرج اللبناني الراحل المبدع يحيا سعادة، واهدتها الى روحه، وقد كان لـ"بصراحة" الحوار التالي الذي تتطرق الى عدد من المواضيع المختلفة:
صفي لنا علاقتك بالراحل يحيا سعادة؟

كارول: حاصر بقلبي روحة يحيا بهالشكل
ما الذي كان يربطكما كارول؟
الكثير من الأمور، واليوم اتصل بي "وسام مرقص" من "باتشي اند لوتشي" وأخبرني لأول مرّة، بأنّ يحيى أخبره ذات مرّة أنّه يحبّني كثيرا، ويحبّ صوتي وفنّي، كما أنّه كان يودّ أن نقدّم سويّا عملا فنيّا لأنّه كان متأكدا أنّنا سنحقّق شيئا ما. وأنا أعلم ذلك طبعا، وكنت اشعر دائما أنّ هناك شيء ما يربطنا، "حاصر بقلبي روحتو بهالشكل"، مع أنّنا لم نكن نلتقي كثيرا، ولكنّنا كنا نتواصل دائما.
هل من شيء قاله لك يحيا وعلّم لديك وتتذكرينه حتى اليوم؟
نعم كنّا نصوّر كليب "جرح غيابك" وبعد تصوير مشهد غسيل الرجلين، أخبرني بأنّه كان يحلم بأن يصوّر هذا المشهد منذ أن بدأ حياته العمليّة، وبأنّه كان على يقين بانّ المشهد سيخرج بهذه الحرفيّة وبهذا الاحساس معي. كما أذكر أيضا أنّه كان يمازحني مرّة وقال :" هولييود بتكيّف عليكي، لأنّك ما بتكلفيهن عدد كبير من الكاميرات، دغري بتصيبي المشهد".
ما الذي أضافه عملك مع يحيا؟ ما الذي قدّمه لك؟
أضاف لي الكثير من المصداقية أمام النّاس، أضاف شغفي للفنّ "اللي عم يكرهوني في كتير ناس"، أضاف لي الاصرار على المتابعة، وعدم التفكير مجرّد التفكير بالتوقّف.
لما قرّرت أن تودّعي يحيا بأغنية؟ وأخبرينا عن نشأة فكرة الأغنية وعن عمليّة انجازها؟

"سلّم عكلّ اللي رفعوا اسم لبنان"
من اليوم الثاني للعزاء، أخبرت الصحفية "ميّ الياس" أنّني أريد أن أقدّم ليحيا شيئا، فطلبت منّي حينها أن أعطها مهلة حتى ما قبل الأربعين، وفعلا اتصلت بي منذ ثلاثة أيام، أي نهار الجمعة قبل يومين من أربعين يحيا، وقالت لي أنّ الشاعرة كاترين معوّض لديها كلاما جميلا جاهزا، وأنّ الملحن سليم عسّاف أيضا يملك لحنا مناسبا، فسارع هادي الى توزيعها، وسجّلتها نهار السّبت، لأقدّمها نهار الأحد.
ما أجمل عبارة "سلّم عكلّ اللي رفعوا اسم لبنان"...هل تعتقدين أنّ رسالتك وصلت ليحيا سعادة؟
نعم وصلت (بكت بحرقة، بكت بصدق عال) وصلت لروحه وسمعني، كما أنّها وصلت لكلّ مبدع لبناني راحل. قدّمتها باحساس عال لأنّها مهداة ليحيا، وأتمنى أن نكون قد استطعنا أن نقدم عملا يليق به، وبكلّ من ذهب تاركا بصمة، و "علّم بشي مطرح".
"ما بدنا نزعل"، كارول ماذا تحضّرين، لأنّك تعلمين أنّنا دائما في حالة عطش الى فنّك؟
كنّا نعدّ لسينجل جديدا وأغنية منفردة، على أن نصوره ونطلقه في القريب العاجل، ولكن للأسف أنت تعلم أن كل الأعمال متوقّفة حاليا بسبب الحالة التي يعيشها عالمنا العربيّ.
بما أنّك ذكرت العالم العربي، ما رأيك بما يحصل مؤخرا فيه من انتفاضات على الأنظمة؟
علينا أن نتذكّر دائما من ذهبوا باكرا، لنتعلّم منهم كم هي الحياة تافهة، علينا أن نتوقّف عن تدمير بعضنا اليعض، وأذية بعضنا البعض، علينا أن نكفّ عن محاربة الآخر وشتم الآخر. فلننظر الى حجم الله، ولننظر الى أحجامنا، كلّنا متعادلين أمام الربّ، بينما ان وقفنا أمام الله سنعلم تماما كم نحن صغار. كلّ يبحث عن مركزه، بينما تناسينا أن مركزنا الحقيقي هناك عند الله، فلنعمل لاجل ذلك المركز، لا المركز على الأرض.
صحيح، اذا تمنعك أحداث العالم العربيّ عن مزاولة عملك الفنّي كما معظم زملائك وزميلاتك، هل يمكنك اطلاعنا على تفاصيل السينجل؟ من الملحن ومن الشاعر الذي تعاملت معهما؟
اعذروني لأنّني لم أختر بعد لحنا معيّنا، لا زلت محتارة، كلّه منسوخ، منقول، ومقلّد!!...لم نعد قادرين على الابداع، وعلى خلق شيء جديد، وهذا الأمر خطير جدا!!
كارول، ما الذي لفت انتباهك من بين أعمال زملائك وزميلاتك التي صدرت قبل قيام الثورات؟

كارول: عملي مع يحيا اضاف
لي الاصرار والمصداقية
أكثر ما لفتني هو كليب أغنية "شيخ الشباب" للفنانة "نانسي عجرم"، رائع هذا العمل، فالأغنية رائعة جدا وهي توزيع هادي شرارة والحان سليم عسّاف، كما أنّ المخرجة "ليلى كنعان" أبدعت في انجاز كليب "مهضوم"، ونحن فعلا بحاجة الى من يزرع فينا هذه الابتسامة. اضافة الى جمال ورقّة واحساس وهضامة نانسي عجرم...ولم يعجبني اي عمل آخر.
أخيرا كارول، ما رايك في الهجوم الذي يتعرّض له نجوم مصر الموالين للنظام المصري، وهل أنت مع أن يدلي الفنان برأيه السياسي؟
عندما تأخذ طرفا مع أحد، ستتعرّض للانتقاد من قبل الطرف الآخر وهذا بديهيّ. بينما عندما تتخذ موقفا تضامنيّا مع أرضك، وطنك، أخلاقك، شعبك وبيئتك لن يخالفك أحد. أتمنّى أن يعمّ السلام على الجميع.
كلمة أخيرة؟
أودّ أن أشكرك، وأن أشكر السيدة باتريسيا هاشم، فأنتم في موقع بصراحة تحبّونني محبّة صادقة مقابل لا شيء، أشكركم كثيرا، وأتشرّف بكم.
هكذا هي كارول صقر، مثقّفة واعية، متواضعة والأهمّ ذكيّة جدا. كم نتمنّى أن يقتدي بها بعض نجومنا ونجماتنا...ونتمنّى لكارول المزيد من النّجاح...الذي يليق بها وبفنّها وبصوتها الراقي الحنون...ونتشرّف بان تكون صديقتنا، لأنّنا في زمن قلّ فيه المثقّفون، وندر فيه المتواضعون...ونحن باتظارك قريبا لتروي عطشنا اليك.
















