ما زال يشارك في عدد من المسلسلات الدرامية، وهو أكبر ممثلي الدراما السورية على الإطلاق.. عمره في الوسط الفني 61 عاما، أمضاها في مختلف صنوف الفن.. التمثيل، الغناء، المسرح، الدراما، السينما.. ورغم ذلك ما زال يحلم بالكثير، مؤكدا أنه لم يحقق شيئا حتى الآن. هو أبو صياح.. فنان الشعب في سورية، صوت الرجولة في الدراما، وصورة الحكيم الذي يصلح ما قد يفسده الآخرون. إنه رفيق سبيعي الذي يحل ضيفا على "النشرة" في حوار أراده أن يكون عاما أكثر من أن يكون شخصيا، سيما وأنه أكثر من يحبون الابتعاد عن الشخصانية في الكلام.
جديدك للعام الحالي الذي تصوّره لرمضان المقبل؟

رفيق: اصور حاليا اكثر من مسلسل
أصور حاليا في أكثر من مسلسل، لكن كلها مسلسلات شامية تعنى بالبيئة الدمشقية في الماضي، فأشارك في الجزء الثاني من مسلسل "الدبور" للمخرج تامر إسحق، وفي مسلسل "طالع الفضة" للمخرج سيف الدين سبيعي، وهناك مسلسل بيئي ثالث قد أشارك به ولم أتوصل لاتفاق مع مخرجه بعد.
ماذا عن الشخصيات التي ستؤديها في "طالع الفضة " و" الدبور"؟
الدور تقريبا متشابه وهو لرجل إصلاحي ، ففي "طالع الفضة" حيث يتم التركيز على حياة أبناء دمشق قبل عقود طويلة أيام كان هناك تداخل بين المسلمين والمسيحيين واليهود ، فأكون الرجل الحكيم الذي يتدخل للإصلاح والتقريب بين أبناء الحارة الواحدة والتي هي حارة " طالع الفضة" في المسلسل.. وفي مسلسل " الدبور" أكون المختار، الرجل ذا الرأي السديد الذي يسعى دائما إلى أن تكون حارته هادئة وينصر المظلومين ويسعى لاستعادة حقوقهم.. لا خروج عن هذا الإطار في المسلسلين، لكنهما دوران مهمان في تفاصيل الحكايتين.
كان هناك حديث عن احتمال مصالحة بينك وبين رفيق دربك دريد لحام في مسلسل "طالع الفضة".. ماذا تقول عن ذلك؟
لم يكن هناك أي حديث عن ذلك سوى في الإعلام، أما في الواقع، ومن خلال المداولات بيني وبين الفريق الإخراجي والإنتاجي للعمل، فلم يكن هناك أي مشروع لذلك. وأنا أعتقد بأن الطرفين لا يرغبان بحدوث ذلك، فهو وأنا نرى أن الأمور هكذا أفضل، وكلانا يعبر في الإعلام عن إعجابه بالآخر وبمكانته.. هو اعتذر عن المشاركة في العمل، وبالتالي لن يكون بعد الآن أي حديث للإعلام في هذا الإطار.
باعتبارك أكبر فنان سوري اليوم كيف تتعامل مع مخرجي الجيل الجديد الذين تفوقهم بأربعين عاما من العمر؟
أنا شخصيا أرتاح للعمل مع المخرج الشاب أكثر، والمريح في الأمر أن مخرجينا الشباب مهذبون محترمون، يقدرون الكبير ويعطونه حقه وقدره وقيمته، وهذا لا يعني أن المخرجين القدامى غير ذلك، لكن يبقى التعامل مع الجيل الجديد أفضل وذلك من أجل مستقبل الدراما السورية والفن السوري فأنا أنظر للأمام، للأجيال القادمة في الفن، وأقول إنه بمخرجين كهؤلاء لا خوف على الفن السوري إطلاقا.
بصراحة ماذا اختلف على رفيق سبيعي مع تتالي العقود في الفن وأنت صاحب الستين عاما في المهنة؟

رفيق: لا فضل لجيل معين على الفن
اختلف كل شيء، اختلف الزمان، والمكان فنحن الفنانين انتقلنا من الأستوديو إلى الشارع، اختلف الأداء والسطوع والبروز، قبل عقود كنا نعمل لإثبات أنفسنا أمام مصر على سبيل المثل، اليوم نحن في المقدمة ومصر هي من تعمل على اللحاق بنا أي تغير الهدف والطموح والآفاق، اختلف الواقع المادي للفنان فمن قبل كنا نعمل بشبه المجان، اليوم تغني الأعمال الفنية الفنان عن أي عمل آخر غير الفن. من قبل كنا نعمل ليصبح لدينا فن، اليوم نحن بلد الفن وهذا ما يسعدني، اختلفت الأدوات والإضاءة والمهارة في عمل الفنيين.. الأهم من كل هذا أننا نعمل سينما في قلب التلفزيون وهذا ما يصعب على الآخرين القيام به حتى اليوم.
دعنا نطلع أبناء هذا الجيل على كيفية إطلاق لقب "فنان الشعب" عليك؟
كان ذلك قبل ثلاثين عاما، وذلك عندما كان الرئيس الراحل حافظ الأسد يدعونا بين الحين والحين ليلتقينا، ويستمع منا همومنا ومشكلاتنا ، فكان يعبر لكل ممثل عما يثير إعجابه به، فكان أن عبر لي رحمه الله عن إعجابه بشخصيتي الشعبية من خلال أدواري التي أديتها في أهم المسلسلات في السبعينات مثل "حمام الهنا" و "صح النوم" وبعض الأغنيات التي كنت أغنيها باللباس الشعبي والشارب الملفوف، فقال لي: أنت "فنان الشعب"، ومن هنا جاءني هذا اللقب الذي أعتز به وأعتز بالرجل التاريخي الذي منحني إياه.
تقول: كنا نتمنى أن يصبح لدينا فن وقد حصل.. متى رأيت أنه بات لدينا فن؟
في الفترة التي انتشر فيها التلفزيون في سورية وبقية البلدان العربية تأكدت أنه بات لدينا فن حيث كانت أعمالنا تعرض في كل الشاشات العربية قبل ثورة الفضائيات. تأكدت أنه بات لدينا فن حين أمطرت سماؤنا بعد خريف طويل وأزهر ربيعنا وسطعت شمس صيفنا، أصبح لدينا فن عندما اكتملت عناصر اللعبة الفنية (كاتب ومخرج وممثل وفني) وهذا غير محدد بزمان معين ولا بمكان محدد.
الممثلون كبار السن يعتبرون أنهم أصحاب الفضل أو المعروف في وصول الدراما السورية إلى ما هي عليه اليوم خلافا لرأي فناني العقد الأخير.. ماذا تقول في ذلك وأنت من فناني الجيل القديم؟

رفيق: سورية ككل لها الفضل في خلع الملابسف
الآخرين بالدراما السورية
أقول إنه لا فضل لجيل معين على الفن، فالفن كائن موجود في بلدنا منذ عقود طويلة قبل الكبار أنفسهم، لكن كل جيل قدم خدماته للفن وفق الظروف والإمكانات المتاحة أمامه. نحن الجيل القديم مهدنا الطريق لجيل الوسط الذي عمل معنا بظروف صعبة وقاسية فدفعنا معا الفن إلى الأمام، فجاء الجيل الجديد ليجد الفن فنا راقيا فوضع لمسته التحديثية عليه فبات فنا كاملا مكتملا، الكل عمل للفن، والفن للجميع. ثم أنه لا يهم من هو صاحب الفضل في الوصول لكن المهم أننا وصلنا سواء بهذا الجيل أو ذاك. هناك من يقول إن الفرد هو من روج للدراما السورية في الخارج ، بينما تيار آخر ينسب الأمر للجماعة..
ماذا تقول في ذلك؟
باختصار سورية ككل لها الفضل في خلع الملابسف الآخرين بالدراما السورية حتى باتت مشاهدة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب. والاثنان معا" الفرد والجماعة" لهما فضل في ذلك، فلا الجماعة تلغي دور الفرد ولا الفرد يلغي دور الجماعة، كلاهما يكمل الآخر، لا حظ أن الأعمال السورية تمول من قبل شركات خليجية، وتشترى من قبل قنوات لها ثقلها ووزنها على الساحة الإعلامية. كما أن الممثل السوري بات مطلوبا بشدة هنا وهناك دون توقف وكذلك الكاتب والمخرج.. الفن السوري جماعة وفرد بنفس الوقت إضافة إلى الجمهور السوري أيضا فهو أفهم أبناء البلدان العربية الأخرى اللهجة السورية من خلال المغتربين ما سهل على المواطن العربي متابعة المسلسلات السورية.
أخبرتنا قبل أيام بأنك تحولت إلى أن أصبحت قلقا على الدراما السورية بعد أن كنت مطمئنا في السنوات القريبة الماضية... هل من شرح حول ذلك؟
دون شرح.. الأمور واضحة، فعلى ما يبدو، فإن هناك من لا يريد أن يبدع، بل يريد أن يتكئ على إبداعات الآخرين.. قبل سنوات قريبة كان الموسم الواحد يخرج علينا بعشر أفكار جديدة.. اليوم ترانا نقلد ما أبدعه الآخرون في السنوات التالية لتألقهم. يزعجني كثيرا أن أرى مسلسلا بحجم باب الحارة مثلا يستنسخ منه مسلسلات أخرى بأفكار مشابهة.. يزعجني أن أرى المسلسل الاجتماعي الناجح وقد أعيد في العام التالي بنسخ أخرى مقلدة تفقده رونقه.. هناك استسهال يجب الحذر منه لأن الدراما فن والفن إبداع.. ها ما يجب أن نعيه.
وماذا عن الدراما المصرية بعد التحول الكبير الذي حصل هناك على الصعيد السياسي؟

قلتها مرارا أنه لا خوف على المصريين، فهم من أكثر الشعوب التي تعرف كيف تنهض عند الأزمة، وهم سينهضون بدراماهم وبالدراما العربية.. هذا ما أتوقعه لهم.. وقوف الدراما المصرية بموقفها المشرف بعد التغير السياسي عندهم وإعلانها مساندة البلد سيقربها أكثر من الشعب الذي سيعمل أيضا على مساندتها، فعندما يقف الممثل المصري ويقول بأنه يوافق على خفض أجره الدرامي، فهذا يعني أنه يقترب من المواطن، وبالتالي، فإن الكل هناك سيعمل على النهوض بها كقطاع مهم.
ظهرت بالتمثيل والغناء والمسرح والسينما خلال ستين عاما.. ما هو النوع الفني الذي يعتبر جوهر رفيق سبيعي الفني؟
الفن لا يتجزأ أبدا وبإمكان الفنان أن يكون ممثلا ومغنيا ومسرحيا وسينمائيا في وقت واحد ، ذلك أن الفن موهبة ومن يمتلك الأنواع الأربعة معا بإمكانه أن يبدع فيها جميعها. البعض يملك موهبة في أكثر من نوع لكنه يركز على نوع واحد ويستخدم الآخر وفق ضرورات العمل فأحيانا يحتاج التمثيل إلى غناء وكذلك المسرح فيه جوانب غنائية لا بأس بها. بالنسبة لي ملكت موهبة في الأنواع الأربعة وأديت فيها بحرفية دون استثناء لكن يبقى للمسرح والغناء مكانة أكبر كونهما كانا قبل معرفة التلفزيون، حيث استخدمت صوتي في أغان شعبية للشعب وكذلك في المسرح وبعض الأفلام السينمائية.
أجمل محطات حياتك المهنية متى كانت؟
كانت في العام 2008 عندما دعاني السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد ليكرمني عن مسيرتي الفنية التي امتدت لستين عاما، وقد قلدني وسام الاستحقاق السوري، ذلك الوسام الذي لا يقدم إلا للمبدعين، عندها انطوت السنوات الستون وكأنها لم تكن، وتسارعت الذكريات، فشعرت بأنني الآن أبدأ مسيرتي في الفن. وهنا أتقدم بجزيل الشكر لقائد الوطن الرئيس الأسد على لفتته الكريمة التي أشعرتني أنني في بلد لا يضيع فيه جهد وتعب أي مواطن.






